وَكَانَ شُرَيْحٌ الْقَاضِى يَأْخُذُ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَأْكُلُ الْوَصِىُّ بِقَدْرِ عُمَالَتِهِ، وَأَكَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. / 25 - فيه: عَبْدَاللَّهِ بْنَ السَّعْدِىِّ، (أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فِى خِلافَتِهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَلِىَ مِنْ أَعْمَالِ النَّاسِ أَعْمَالا، فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعُمَالَةَ كَرِهْتَهَا؟ فَقُلْتُ: بَلَى، فَقَالَ عُمَرُ: فَمَا تُرِيدُ إِلَى ذَلِكَ، قُلْتُ: إِنَّ لِى أَفْرَاسًا وَأَعْبُدًا، وَأَنَا بِخَيْرٍ وَأُرِيدُ أَنْ تَكُونَ عُمَالَتِى صَدَقَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ، قَالَ عُمَرُ: لا تَفْعَلْ، فَإِنِّى كُنْتُ أَرَدْتُ الَّذِى أَرَدْتَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) يُعْطِينِى الْعَطَاءَ، فَأَقُولُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّى حَتَّى أَعْطَانِى مَرَّةً مَالا، فَقُلْتُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّى، فَقَالَ لِى النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) : خُذْهُ، فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ، فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ، وَلا سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَإِلا فَلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ) . أجمع العلماء أن أرزاق الحكام من الفئ، وما جرى مجراه مما يصرف فى مصالح المسلمين؛ لأن الحكم بينهم من أعظم مصالحهم. وقال الطبرى: فى هذا الحديث الدليل الواضح على أن من شُغل بشىء من أعمال المسلمين أخذ الرزق على عمله ذلك، كالولاة والقضاة وجباة الفئ وعمال الصدقة وشبههم؛ لإعطاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عمر العمالة على عمله الذى استعمله عليه، فكذلك سبيل كل مشغول بشىء من أعمالهم له من الرزق على قدر استحقاقه عليه وسبيله سبيل عمر فى ذلك. قال غيره: إلا أن طائفة من السلف كرهت أخذ الرزق على القضاء.