وذهب الكوفيون والشافعى إلى أنه لا تجوز شهادته له ويحكم لسائر الناس. وزاد أبو حنيفة: لا يحكم لولد والده وإن كانوا من قبل النساء، ولا لعبده وكاتبه وأم ولده؛ لأن هؤلاء: لا تجوز شهادته لهم. واحتلف أصحاب مالك فى ذلك فقال مطرف وسحنون: كل من لا يجوز للحاكم أن يشهد له لا يجوز حكمه له، وهم الآباء فمن فوقهم والأبناء فمن دونهم وزوجته ويتيمه الذى يلى ماله. وقال ابن الماجشون: يجوز حكمه للآباء والأبناء فمن فوقهم ومن دونهم إلا الولد الصغير الذى يلى ماله أو يتيمه أو زوجته، ولا يتهم فى الحكم كما يتهم فى الشهادة؛ لأنه إنما يحكم بشهادة غيره من العدول. وقال أصبغ مثل قول مطرف إذا قال: ثبت له عندى. ولا يدرى أثبت له أم لا ولم يحضر الشهود، فإذا حضروا وكانت الشهادة ظاهرة بحق بيّن؛ فحكمه له جائز ما عدا زوجته وولده الصغير ويتيمه الذى يلى ماله. كقول ابن الماجشون؛ لأن هؤلاء كنفسه، فلا يجوز له أن يحكم لهم، والقول الأول أولى بشهادة عموم القرآن له قال تعالى: (يا داود إنا جعلناك خليفة فى الأرض) [ص: 26] الآية. وخاطب تعالى الحكام فقال: (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) [النساء: 58] فعم جميع الناس، وقد حكم النبى (صلى الله عليه وسلم) لزوجته عائشة على الذين رموها بالإفك وأقام عليهم الحد. وليس رد شهادة الولد لوالده، والوالد لولده بإجماع من الأمة فيكون أصلا لذلك، وقد أجاز شهادة الولد لوالده، والوالد لولده عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وإياس بن معاوية، وهو قول أبى ثور والمزنى وإسحاق.