حين ضمن دينه أبو قتادة، وحجة مالك أن أبا قتادة علم أنه لا وفاء للميت حين ضمن دينه، ولو علم أن له مالاً وتكفل بدينه على أن يرجع به فى ماله، لم يمنعه من ذلك كتاب ولا سنة، بل هو الذى بينه عليه السلام بقوله: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه) ، وكذلك اختلافهم إذا تكفل عن حى بغير أمره، فقال الكوفيون والشافعى: لا يرجع به عليه إذا أداه؛ لأنه متطوع. وروى ابن القاسم عن مالك أن له الرجوع بذلك على المطلوب. وحجة مالك أن كل من فعل عن غير فعلاً كان واجبًا على الغير أن يفعله، فإنه واجب عليه الخروج مما لزمنه عنه قياسًا على الإمام يستأجر على السفيه والممتنع من أداء الحق. وقال المهلب: وأما تحمل أبى بكر لعدات النبى - عليه السلام - وديونه، فذلك لأن الوعد منه عليه السلام يلزم فيه الإنجاز، لأنه من مكارم الأخلاق، وقد وصفه الله بأنه على خلق عظيم، وأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد، وإنما صدق أبو بكر من ادعى أن له قبل النبى عدةً أو دينًا؛ لقوله عليه السلام: (ليس كذب على ككذب على غيرى، من كذب على متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار) فهو وعيد، ولا نظن بأن يقدم عليه من شهد الله لهم فى كتابه أنهم خير أمة أخرجت للناس. وحديث أبى هريرة فيه: تكفل النبى - عليه السلام - بديون من مات من أمته معدمًا، وتحمل كل دينهم وضياع عيالهم، وقد جاء هذا الحديث بهذا اللفظ: (ومن ترك كلاً أو ضياعًا فعلى) قال: وهذا الحديث ناسخ لتركه عليه السلام الصلاة على من مات وعليه دين.