وقوله: (فعلى قضاؤه) يعنى مما يفىء الله عليه من المغانم والصدقات التى أمر الله بقسمها على الغارمين والفقراء، وجعل للذرية نصيبًا فى الفىء، وقضى منه دين المسلم، وهكذا يلزم السلطان أن يفعله لمن مات وعليه دين، فإن لم يفعله وقع القصاص منه فى الآخرة، ولم يحبس الغريم عن الجنة بدين له مثله فى بيت المال، إلا أن يكون الدين الذى عليه أكثر مما له فى بيت المال ولم تف بذلك حسناته، ومعلوم أن حق المسلم فى بيت المال وإن لم يتعين عنده مال من ماله، يعلمه الذى أحصى كل شىء عددًا، ومحال أن يحبس عن الجنة من له من الحسنات عند من ظلمه ولا يقدر على الانتصاف منه فى الدنيا مما يفى بدينه، والله أعلم.
/ 10 - فيه: عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَىَّ قَطُّ إِلاَ وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلاَ يَأْتِينَا فِيهِ النَّبِىّ، عليه السَّلام طَرَفَىِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِىَ الْمُسْلِمُونَ، خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ الْحَبَشَةِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، وَهُوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِى قَوْمِى، فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِى الأَرْضِ فَأَعْبُدَ رَبِّى، قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ: إِنَّ مِثْلَكَ لاَ يَخْرُجُ وَلاَ يُخْرَجُ، فَإِنَّكَ تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِى الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، وَأَنَا لَكَ جَارٌ، فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبِلاَدِكَ، فَارْتَحَلَ ابْنُ الدَّغِنَةِ، فَرَجَعَ مَعَ أَبِى بَكْرٍ، فَطَافَ