جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ، فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِىِّ، عليه السلام، عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ النَّبِىَّ، عليه السَّلام، قَالَ لِى كَذَا، فَحَثَى لِى حَثْيَةً فَعَدَدْتُهَا، فَإِذَا هِىَ خَمْسُمِائَةٍ، وَقَالَ: خُذْ مِثْلَيهَا. / 9 - وفيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِىّ (صلى الله عليه وسلم) كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَيَسْأَلُ: (هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ وَفَاء؟) ، فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ لِدَيْنِهِ وَفَاءً، صَلَّى عليه، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ، قَالَ: (أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّىَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَىَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ) . اختلف العلماء فيمن تكفل عن ميت بدين، فقال ابن أبى ليلى وأبو يوسف ومحمد والشافعى: الكفالة جائزة عنه وإن لم يترك الميت شيئًا، ولا يرجع به فى مال الميت إن ثاب للميت مالك، وكذلك إن كان للميت مال وضمن عنه لم يرجع فى قولهم؛ لأنه متطوع. قال مالك: إذا تكفل عن ميت فله أن يرجع فى ماله، كذلك إن قال: إنما أديت لأرجع فى ماله. وإن لم يكن للميت مال وعلم الضامن بذلك فلا رجوع له إن بان للميت مال. قال ابن القاسم: لأنه بمعنى الهبة. وشذ أبو حنيفة وخالف الحديث وقال: إذا لم يترك الميت شيئًا فلا تجوز الكفالة، وإن ترك شيئًا جازت الكفالة بقدر ما ترك. وقال الطحاوى: هذا خلاف لحديث النبى؛ لأنه عليه السلام قد أجاز الضمان عن الميت الذى لم يترك شيئًا، واحتج من قال أنه لا رجوع له على الميت وإن كان للميت مال، أنه لو كان له رجوع لقام الكفيل مقام الطالب، فلم يكن النبى - عليه السلام - ليصلى عليه