قال ابن القصار: وهذا لا معنى له، لأنه قد تقرر أن الماء إذا ورد على النجاسة لم ينجس إلا أن يتغير، فكذلك يجب إذا وردت النجاسة على الماء لا ينجس إلا أن يتغير، إذ لا فرق بين الموضعين. قال: ومما يَردُّ اعتبار الكوفيين والشافعى، أن النبى (صلى الله عليه وسلم) أمر بصب الذنوب على بول الأعرابى فى المسجد، وقد علمنا أنه إنما أراد تطهير المكان بهذا المقدار من الماء ولا يطهر إلا بزوال النجاسة ولم تزُل إلا بغلبة الماء الذى هو دون المقدار الذى يعتبره أبو حنيفة، والشافعى، ومعلوم أن هذا المقدار من الماء لا يزيل النجس إلا وقد حل فيه النجس أو بعضه، وإذا حصل فيه النجس لم يكن بد أن يُحكم له بالطهارة، لأنه لو لم يطهر لكان نجسًا، ولو كان نجسًا لما أزال النجاسة عن الموضع، لأنه كلما لاقى النجسُ الماءَ نَجَّسه، فأدى ذلك إلى أن لا تزول نجاسة ولا يطهر المكان. واختلفوا فى تطهير الأرض من البول والنجاسة، فقال مالك والشافعى وأبو ثور: لا يطهرها إلا الماء، واحتجوا بحديث بول الأعرابى. وروى عن أبى قلابة، والحسن البصرى، وابن الحنفية، أنهم قالوا: جفوف الأرض طهورها، وهو قول أبى حنيفة، وأبى يوسف، ومحمد، قالوا: الشمس تزيل النجاسة، فإذا ذهب أثرها صل فيها ولا تتيمم. وقال الثورى: إذا جف فلا بأس بالصلاة عليه. وعند مالك وزفر: لا يجزئه أن يصلى عليها إلا أن مالكًا، قال: يعيد فى الوقت، وكذلك قال إذا تيمم به.