قال الطحاوى: واختلفوا فيما يجوز به إزالة النجاسة من الأبدان والثياب، فقال مالك: لا يطهر ذلك إلا الماء الذى يجوز به الوضوء. وهو قول زفر، ومحمد بن الحسن، والشافعى. والحجة لهم قوله تعالى: (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا) [الفرقان: 48] ، وأمرُهُ (صلى الله عليه وسلم) بصب الدلو على بول الأعرابى فى المسجد. قالوا: فكذلك حكم الأبدان والثياب. وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف: تجوز إزالة النجاسة بكل مائع، وكل طاهر، والنار، والشمس، ولو أن جلد الميتة جف فى الشمس طهر من غير دباغ، واحتجوا على إزالة النجاسات بالمائعات، فقالوا: الخمر إذا انقلبت خلا فقد طهرت هى والدن جميعًا. ونحن نعلم أن الخمر كانت نجسة، والدن نجس، ولم يطهره إلا الخل. قال ابن القصار: فيقال لهم: إن الدن جامد وكان طاهرًا قبل حدوث الشدة فى الخمر، وإنما حصلت على وجهه أجزاء نجاسة من الخمر، فإذا انقلبت الخمر خلا انقلبت تلك الأجزاء خلا، فلم تزل بالخل، وإنما انقلبت كما انقلب نفس الخمر. ونظير مسألتنا أن يصب الثوب نجاسة فتنقلب عينها فتصير طاهرة،