قال: (لست كهيئتكم) ، أعلمهم أن الوصال لا يجوز لغيره، واحتجوا بقوله عليه السلام: (إذا غربت الشمس فقد أفطر الصائم) . قالوا: فهذا يدل أن الوصال للنبى، عليه السلام، خصوص، وأن المواصل لا ينتفع بوصاله، لأن الليل ليس موضعًا للصوم بدليل هذا الحديث، وبقوله: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة: 187] . قال الطبرى: وأما ما روى عن بعض الصحابة وغيرهم من تركهم الأكل الأيام ذوات العدد ليلاً ونهارًا، فإن ذلك كان منهم على أنحاء شتى، فمنهم من كان ذلك منه لقدرته عليه، فيصرف فطره، إذ لم يكن يمنعه تركه من أداء فرائض الله الواجبة عليه إلى أهل الفقر والحاجة، طلب ثواب الله وابتغاء وجهه، مثل ما روى عن الحسن أنه قال: لقد أدركنا أقوامًا، وصحبنا طوائف، إن أحدهم يمسى وما عنده من العشاء إلا قدر ما يكفيه، ولو شاء لأتى عليه، فيقول: ما أنا بآكله حتى أجعل لله منه، ومنهم من كان يفعله استغناء عنه إذا كانت نفسه قد مرنت عليه واعتادته، كما حدثنى أبو كريب عن أبى بكر بن عياش، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمى قال: ربما لبثت ثلاثين يومًا ما أطعم من غير صوم إلا الحبة، وما يمنعنى ذلك من حوائجى، قال الأعمش: وكان إبراهيم التيمى يمكث شهرين لا يأكل، ولكنه كان يشرب شربة نبيذ، ومنهم من كان يفعله منعًا لنفسه شهوتها ما لم تَدْعُهُ إلأيه الضرورة، ولا خاف العجز عن أداء الواجب لله عليه، إرادة منه قهرها، وحملها على الأفضل، كالذى روينا عن مجاهد أنه قال: (لو أكلت كل ما أشتهى ما سويت حشفة) . فما روى عن السلف أنهم كانوا يواصلون الأيام الكثيرة فإنه على بعض هذه الوجوه التى ذكرت، لا أنه كان يصوم الليل، أو على أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015