حتى يفتق الأمعاء، وعن عبد الرحمن بن أبى نعم أنه كان لا يفطر فى رمضان كله إلا مرتين، وحكى مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير: (أنه كان يواصل ليلة ست عشرة وليلة سبع عشرة من رمضان، لا يفرق بينهما، فقيل له: ماذا تجده يقوتك فى وصالك؟ قال: السمن أشربه، أجده يبل عروقى، فأما الماء فإنه يخرج من جسدى) . وأجاز ابن وهب، وأحمد بن حنبل، وإسحاق الوصال من سحر إلأى سحر، واحتجوا بحديث أبى سعيد أن النبى، عليه السلام، قال: (لا تواوصلوا، وأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر) . فأذن فى ذلك لمن أطاقه من أمته على النحو الذى يجوز، وذلك تأخير الأكل إلى السحر، ونهى عنه من كان له غير مطيق بقوله: (فاكلفوا من العمل ما تطيقون) بعد أن بين لهم أنه قد أعطى من القوة على الوصال ما لم يعط غيره بقوله: (إنى لست كهيئتكم، إنى أبيت يطعمنى ربى ويسقينى) . فأما الصوم ليلا فلا معنى له، لأن ذلك غير وقت للصوم، كما شعبان غير وقت لصوم شهر رمضان، وكذلك لا معنى لتأخير الأكل إلى السحر لمن كان صائمًا فى رمضان إذا لم يكن تأخيره ذلك طلبًا للنشاط على قيام الليل، لأن فاعل ذلك إن لم يفعله لما ذكرناه فإنه مجيع نفسه فى غير ما فيه لله رضا، فلا معنى لتركه الأكل بعد مغيب الشمس لقوله عليه السلام: (إذا غربت الشمس فقد أفطر الصائم) ، وكره مالك، والثورى، وأبو حنيفة، والشافعى، وجماعة الوصال على كل حال لمن قدر عليه، ولم يجيزوه لأحد، واحتجوا أنه عليه السلام نهى عنه وقال: (إذا نهيتكم عن شىء فانتهوا) . قالوا: ولما