كان يرى أن تركه الأكل والشرب فيه كصوم النهار ولو كان ذلك صومًا، كان لمن شاء أن يفرد الليل بالصوم دون النهار، والنهار دون الليل ويقرنهما إذا شاء، وفى إجماع من تقدم وتأخر ممن أجاز الوصال، وممن كرهه، على أن إفراد الليل بالصوم إذا لم يتقدمه صوم نهار تلك الليلة غير جائز، أَدَلُّ الدليل على أن صومه غير جائز، وإن كان تقدمه صوم نهار تلك الليلة. وقوله: (إنى أبيت أطعم وأسقى) ، فيه تأويلان: أحدهما: على ظاهر الحديث يطعمه الله ويسقيه. والثانى: على الاستعارة. والمعنى أن الله تعالى، يرزقه قوة على الصيام كقوة من أكل وشرب، والدليل على صحة هذا القول الآخر أنه لو أطعم وأسقى على الحقيقة لم يكن مواصلاً، ولكان مفطرًا.
رَوَاهُ أَنَسٌ عَنِ النَّبِىِّ، عليه السلام. / 58 - فيه: أَبَو هُرَيْرَةَ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنِ الْوِصَالِ فِى الصَّوْمِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (وَأَيُّكُمْ مِثْلِى، إِنِّى أَبِيتُ يُطْعِمُنِى رَبِّى وَيَسْقِينِ) ، فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الْوِصَالِ، وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا، ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلالَ، فَقَالَ: (لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ) ، كَالتَّنْكِيلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا. قال المهلب: لما نهاهم عليه السلام عن الوصال فلم ينتهوا، بين لهم أنه مخصوص بالقوة بقوله: (إنى لست كهيئتكم) ، لأن الله يطعمه ويسقيه، فأرادوا تحمل المشقة فى الاستنان به، والاقتداء