قال البخاري رحمه الله: [باب: إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع].
قلنا في اللقاء السابق: إلقاء السلام على المصلي وهو في صلاته، إذا قيل له: السلام عليكم يشير بيده هكذا فيجعل ظهرها إلى السماء، وقد حقق شيخنا الألباني وعلماء الحديث صحة هذا الحديث، فيشير بباطن اليد إلى الأرض وظاهرها إلى السماء.
قال البخاري: (إذا كلم) يعني: أحد الناس كُلم بكلمة وهو يصلي (فأشار بيده) يعني: أجابه باليد، ثم استمع لحديثه.
وأخرج البخاري في كتاب العلم حديثاً آخر مخالفاً لهذا الحديث يفيد أن الجواب يكون بإشارة اليد أو الرأس، ففي الحديث: (أن أسماء رضي الله عنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوجدت الناس قد اجتمعوا في المسجد في وقت ليس وقت صلاة، ووجدت عائشة رضي الله عنها تصلي خلف الرجال، فتوجهت إليها وهي تصلي تقول لها: لم اجتمع الناس في المسجد؟ فأشارت عائشة رضي الله عنها من المسجد إلى السماء)، لم يكن للمسجد سقف، فكانت ترى منه السماء: (فنظرت أسماء فوجدت الشمس مكسوفة فعادت تقول لها: هذه آية؟ فأشارت برأسها؟ نعم)، فمرة أشارت باليد ومرة أشارت بالرأس.
تقول أسماء: (فقمت بجوار عائشة).
وفي الحديث: أن المرأة تصلي خلف الرجال، فلا يجوز أن تقف بجوار زوجها، إنما تصلي خلفه.
وفي الحديث: أن المرأة قد تصلي منفردة خلف الصف وصلاتها جماعة صحيحة؛ لأنها لم تجد من يقف بجوارها.
وفي الحديث: أن المنفرد إذا لم يجد من يقف بجواره ووجد الصف مكتملاً يقف بمفرده وصلاته صحيحة، وهذا اختيار الحنابلة وهو الراجح؛ لأنه لا تكليف إلا بمقدور، وهو عاجز عن الوقوف في الصف، فمن العبث أن نقول له: اجذب واحداً من الصف، فهذا كلام لا يصح وإنما يقف بمفرده؛ لأنه عاجز.
قال البخاري: [باب: إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع.
قال: حدثنا يحيى بن سليمان إلى أن قال: عبد الرحمن بن أزهر رضي الله عنهم أرسلوه إلى عائشة رضي الله عنها فقالوا: اقرأ عليها السلام منا جميعاً واسألها عن الركعتين بعد صلاة العصر، وقل لها: إنا أخبرنا أنك تصلينهما وقد بلغنا: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها).
وقال ابن عباس: وكنت أضرب الناس مع عمر عنها].
هناك مواقيت ينهى عن الصلاة فيها، وهي أربع مواقيت: بعد الفجر، وبعد العصر، وعند شروق الشمس، وعند غروبها، أضف إلى ذلك الخامسة، وهي عند تعامد الشمس في وسط السماء، أي: قبل الظهر بقليل، فهذه أوقات ينهى فيها عن صلاة التنفل المطلق، أما التنفل المسبب فالشافعية على الجواز وهو الراجح، وقضاء الفائتة فيجوز أيضاً، بمعنى: فاتته صلاة، وأراد أن يقضيها في هذه الأوقات فلا شيء عليه حتى ولو كان بعد الفجر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلين في صلاة الفجر يجلسان في مؤخرة المسجد، وبعد الصلاة سألهما: (لم لم تصليا مع القوم؟ قالوا: يا رسول الله! صلينا في رحالنا) فأمرهم بالصلاة مع القوم فهي لهم نافلة، فرغم أنهم صلوا الفجر في رحالهم أمرهم بالصلاة بعدها.
وفي الحديث وهو صحيح: جواز صلاة الفائتة أو القضاء مع جواز دفع الشبهة عن النفس حتى وإن كان في وقت كراهة، أما صلاة الضحى فتصلى بعد شروق الشمس بثلث ساعة، وتمتد إلى قبل الظهر بعشر أو خمس دقائق، هذا هو وقت الضحى، وأما التعامد فيكون قبل أذان الظهر بدقيقتين؛ لأن أذان الظهر يجب عند الزوال، يعني: عند انحرافها عن وسط السماء، فقبل الظهر بقليل تكون الشمس متعامدة، فهذا الوقت لا يجوز أن نصلي فيه ولا أن ندفن فيه موتانا.
قال: [قال ابن عباس: وكنت أضرب الناس مع عمر عنها.
(قال كريب: فدخلت على عائشة رضي الله عنها فبلغتها ما أرسلوني، فقالت: سل أم سلمة، فخرجت إليهم فأخبرتهم بقولها، فردوني إلى أم سلمة بمثل ما أرسلوني به إلى عائشة، فقالت أم سلمة: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عنها، ثم رأيته يصليهما حين صلى العصر، ثم دخل علي وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار فأرسلت إليه الجارية: قومي بجنبه قولي له: تقول لك أم سلمة: يا رسول الله! سمعتك تنهى عن هاتين وأراك تصليهما، فإن أشار بيده فاستأخري عنه، ففعلت الجارية فأشار بيده، فاستأخرت عنه فلما انصرف قال: يا ابنة أبي أمية! سألت عن الركعتين بعد العصر، وإنه أتاني ناس من عبد القيس فشغلوني عن الركعتين بعد الظهر فهما هاتان)].
والمعنى: أن الصحابة أرسلوا من يسأل عائشة عن الركعتين بعد العصر: كيف صلاهما النبي صلى الله عليه وسلم