أي صار ترابها مثل الخمر. وقال البطليوسي: هذا البيت لأعرابي أصابته قوباء، فقيل له: اجعل عليها من ريقك وتعهدها بذلك فانها تذهب؟ فتعجب من ذلك واستغربه. أو يقال: إنه سمع قائلا يقول: ان الريقة لا تبرئها، فأنكر ذلك منه وتعجب منه. وقال التدمري: هو على جهة المفاعلة، وكأن القوباء والريقة يتغالبان، وكل من غالب شيأ فقد غالبه ذلك الشيء. فكل واحد في المعنى فاعل ومفعول.
597 - وأنشد:
حمّلت أمرا عظيما فاضطلعت له … وقمت فيه بأمر الله يا عمرا (?)
هو من ثلاثة أبيات لجرير يرثي بها عمر بن عبد العزيز، وقبله وهو الأوّل:
نعى النّعاة أمير المؤمنين لنا … يا خير من حجّ بيت الله واعتمرا
وبعده، وهو الثالث:
فالشّمس طالعة ليست بكاسفة … تبكي عليك نجوم اللّيل والقمرا
قال المبرد في الكامل: يجوز نصب نجوم الليل والقمر بكاسفة، يعني إنما تكسف النجوم والقمر بإفراط ضيائها، فإذا كانت من الحزن عليه قد ذهب ضياؤها ظهرت الكواكب اهـ. ورأيت البيت في ديوان جرير بلفظ:
فالشّمس كاسفة ليست بطالعة
وقال شارحه: أراد أن الشمس كاسفة تبكي عليه الدهر والشهر، فنجوم والقمر منصوبان على الظرفية. والمراد بالنجوم الدهر وبالقمر الشهر. وقد حكاه المبرد أيضا فقال (?): ويجوز أن يريد الظرف أي يبكي عليك مدة نجوم الليل