مَرْفُوع والمعطوف شريك الْمَعْطُوف عَلَيْهِ فكأنك قلت مَا تَأتِينِي فَمَا أكرمك فَهُوَ شَرِيكه فِي النَّفْي الدَّاخِل عَلَيْهِ وعَلى هَذَا قَوْله تَعَالَى {هَذَا يَوْم لَا ينطقون وَلَا يُؤذن لَهُم فيعتذرون} فالفاء هُنَا عاطفة كَمَا ذكرنَا وَالْفِعْل الَّذِي بعْدهَا دَاخل فِي سلك النَّفْي السَّابِق فَكَأَنَّهُ قيل لَا يُؤذن لَهُم فَلَا يَعْتَذِرُونَ

الثَّانِي أَن تقدر الْفَاء لمُجَرّد السَّبَبِيَّة وَيقدر الْفِعْل الَّذِي بعْدهَا مستأنفا وَمَعَ استئنافه يقدر مَبْنِيا على مُبْتَدأ مَحْذُوف فَيجب الرّفْع أَيْضا لخلو الْفِعْل عَن الناصب والجازم فَتَقول مَا تَأتِينِي فأكرمك بِمَعْنى فَأَنا أكرمك لكونك لم تأتني وَذَلِكَ اذا كنت كَارِهًا لإتيانه ويوضح هَذَا أَنَّك تَقول مَا زيد قاسيا فيعطف على عَبده أَي فَهُوَ لانْتِفَاء الْقَسْوَة عَنهُ يعْطف على عَبده

وَالْفرق بَين هَذَا الْوَجْه وَالَّذِي قبله وَاضح لِأَن الْوَجْه الأول شَمل النَّفْي فِيهِ مَا قبل الْفَاء وَمَا بعْدهَا وَهَذَا الْوَجْه انصب النَّفْي فِيهِ الى مَا قبل الْفَاء خَاصَّة دون مَا بعْدهَا وَذَلِكَ لِأَنَّك لم تجْعَل الْفَاء لعطف الْفِعْل الَّذِي بعْدهَا على الْمَنْفِيّ الَّذِي قبله فَيكون شَرِيكه فِي النَّفْي وانما أخلصتها للسَّبَبِيَّة

وَيذكر النحويون هذَيْن الْوَجْهَيْنِ فِي قَوْلك مَا تَأْتِينَا فتحدثنا وَهَذَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015