"وفي الباب عن أبي سعيد الخدري وابن عباس، وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدرِ كم صلى أثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرح الشك وليبنِ على ما استيقن)) وروى الترمذي عن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا سها أحدكم في صلاته فلا يدري واحدة صلى أم اثنتين؟ فليبنِ على واحدة، فإن لم يتيقن صلى اثنتين أم ثلاثاً؟ فليبنِ على اثنتين، فإن لم يدرِ أثلاثاً صلى أم أربعاً؟ فليبنِ على ثلاث وليسجد سجدتين قبل أن يسلم))
قال السيوطي: اعلم أن هذه القاعدة تدخل في جميع أبواب الفقه، اعلم أن هذه القاعدة تدخل في جميع أبواب الفقه والمسائل المخرجة عليها تبلغ ثلاثة أرباع الفقه وأكثر، ولو سردتها هنا لطال الشرح ولكن أسوق منها جملة صالحة، فأقول: يندرج في هذه القاعدة قواعد: منها قولهم: الأصل بقاء ما كان عل ما كان، الأصل بقاء ما كان عل ما كان، فمن أمثلة ذلك: من تيقن الطهارة وشك في الحدث فهو متطهر، أو تيقن في الحدث وشك في الطهارة فهو محدث.
قال: ومن فروع الشك في الحدث إن شك هل نام أو نعس؟ أو ما رآه رؤيا أم حديث نفس؟ أو لمس امرأةً أو بشراً أو شعراً؟ أو هل نام متمكناً أو لا زالت إحدى إليتيه؟ إيش؟ أو شك: هل كان قبل اليقظة أو بعدها؟ أو مس الخنثى ... إلى آخر كلامهم في التفاصيل التي يذكرونها في مثل هذا.
ثم قال: شك في الطاهر المغير للماء هل هو قليل أو كثير؟ فالأصل بقاء الطهورية، أحرم بالعمرة ثم بالحج وشك هل كان أحرم بالحج قبل طوافها فيكون صحيحاً أو بعده فيكون باطلاً؟ حكم بصحته، قال الماوردي: لأن الأصل جواز الإحرام بالحج حتى يتيقن أنه كان بعده، ثم شك هل طلع الفجر أم لا؟ صح صومه بلا خلاف.
تعاشر الزوجان مدة مديدة ثم ادعت عدم الكسوة والنفقة فالقول قولها؛ لأن الأصل بقاؤهما في ذمته، وعدم أدائهما.
قاعدة: الأصل براءة الذمة ولذلك لم يقبل في شغل الذمة شاهد واحد ما لم يعتضد بآخر أو يمين المدعي، وكذا أيضاً إذا كان القول قول المدعي لموافقته الأصل وفي ذلك فروعاً منها ... إلى آخره.