ما زلنا في الحديث السابق في باب: ما جاء في الوضوء من الريح، وشرحنا حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا وضوء إلا من صوت أو ريح)) وعرفنا أن الحصر بحسب حال السائل، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل الرجل يجد أنه خرج منه شيء وهو في الصلاة؟ قال: ((لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) ثم بعد ذلك الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا كان أحدكم في المسجد فوجد ريحاً بين أليتيه فلا يخرج حتى يسمع صوتاً)) "في المسجد" نص على المسجد لأن الأصل بالنسبة للرجال أن تكون في المسجد حيث ينادى بها ((فوجد بين أليتيه يعني ريحاً فلا يخرج من المسجد)) من أجل أن يتوضأ ((حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) وهو كسابقه.
والمراد من ذلك أنه لا ينصرف بعد تيقنه للطهارة بمجرد شك، ويلحقون بذلك الظن، وهو الرجحان، رجحان خروج الريح، مع أن جل الأحكام مبنية على غلبة الظن، ((أو يجد ريحاً)) وهذا الحديث وما جاء في معناه هو مبنى القاعدة عند أهل العلم وذكرنا أننا نقرأ في كلام العلماء في القاعدة الثانية من القواعد الكلية التي قالوا فيها: الشك لا يرفع اليقين، القاعدة الثانية: اليقين لا يزال بالشك، ودليلها قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً)) الذي هو حديث الباب ((إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) رواه مسلم من حديث أبي هريرة وأصله في الصحيحين عن عبد الله بن زيد قال: شكا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة قال: ((لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) أحد معه الأشباه؟ ذكرت هذا بالأمس، يعني راجعتم الأشباه والنظائر؟ طيب.