يعتبر صلح كل واحد منهما على انفراده فالمنكر يقول: إنما التزمت ما التزمت لرفع النزاع والمدعي يقول: لئلا يجحدني فيظلمني فإنما أخرت لدفع مظلمة وذلك جائز لي ولم أستجر نفعا مستجلبا انتهى. فانظر التنبيهات.
وقوله (إلا ما جر إلى حرام) يعني: بعقده أو عوضه أو غير ذلك كان يصالح على دنانير معجلة بمؤجلة ونحو ذلك قال علماؤنا: والحكم به في الإنكار لا يحل لمن علم أنه على الباطل منهما ما أخذه من صاحبه وهذا من صور استباحة الحرام به فاعرف ذلك.
(والأمة الغارة تتزوج على أنها حرة فليسدها أخذها وأخذ قيمة الولد يوم الحكم له).
الأمة الغارة هي التي تدعو رجلا إلى أن يتزوجها مخبرة بمقالها أو شاهد حالها أنها حرة فيتزوجها على ذلك ثم يظهر خلافه ولا يخلو أمرها من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون السيد له في النكاح والاستخلاف وإنما غرت بذلك الحرية فهذه يسمح مقامه عليها بالمسمى لا دونه قال اللخمي وأرى إن اختار المقام معها أن يحط عنه من المسمى ما زاد على الحرية.
الثاني: أن يتزوجها على أنها حرة ولم يكن السيد أذن له ولا في الاستخلاف وهذا يفسخ على المعروف أبدا خلافا لمن رأى صحته بإجازة السيد لأن الولي مجبر وعقد المجبر بغير إذنه يبطل النكاح.
الثالث: أن يكون أذن في النكاح ولم يأذن في الاستخلاف وهو كالذي قبله في تحتم الفسخ ثم حيث يتعين فسخه فقبل البناء لا شيء لها وبعده ولا حمل ولا ولادة فواضح من باب النكاح وإن ولدت فالولد لاحق لأبيه ويلزمه للسيد قيمته.
والمشهور يوم الحكم كما ذكر الشيخ وقال المغيرة يوم الولادة وثالثها يوم القيامة حكاه ابن بشير وهو قول المغيرة وأشهب فلا يسقط الضمان بموته وهل يقوم بحاله أم لا وصوب المازري الثاني وعزاه لابن القاسم وأخذ من المدونة فانظره ثم قوله (فللسيد أخذها) ظاهره وله أن يجيز وليس ذلك على المنصوص بل يجب فسخ نكاحها مطقا والله أعلم.