وهذا كله في النيء فأما المطبوخ: فقال ابن القاسم: يجوز بالحيوان ولابن المواز عن أشهب كراهته ولابن شاس عنه المنع على اعتبار صورته بالطبخ جنسا آخر وحكى (ع) رابعا هو جوازه نقدا وكراهته لأجل والله أعلم.
(ولا بيعتان في بيعة وذلك أن يشتري سلعة إما بخمسة نقدا أو بعشرة إلى أجل قد لزمته بأحد الثمنين).
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة رواه أبو داود والنسائي وصححه الترمذي وابن حبان من حديث ابن عمر رضي الله عنه وفسره أهل المذهب بما ذكر لما في رواية أبي داود: " باع بيعتين في بيعة فله أو كسهما أو الربا" يعني أن له أقل ما باع به على كل حال وإلا أخذ الربا والحكم كذلك عندنا بعد الفوات وفي الجلاب لزوم أحد مثمونين مختلفين بثمن واحد من ذلك واللزوم شرط فلو كان على الغير اللزوم جاز لانتفاء الغرر قاله المازري ولو قال هذه الشاة بدينار أو هذا الثوب بدينار ولم يزد عليه.
فروى ابن القاسم وابن وهب منعه وروى أشهب جوازه وفي المدينة جواز شراء ثوب اختاره من ثياب أو ثوبين على اللزوم ولو اختلفت القيمة وقال ابن المواز إذا لم يختلفا اختلافا يبيح سلم أحدهما في الآخر ومنع ابن حبيب حتى يستويا في الصفة والقيمة (ع) وهو الأقرب قائلا ولو قيل بالمنع مطلقا لكان له وجه لاختلاف الإغراض في المقومات والله أعلم.
(ولا يجوز بيع الثمر بالرطب والزبيب بالعنب متافضلا ولا مثلا بمثل ولا رطب بيابس من جنسه من سائر الثمار والفواكه وهو مما نهى عنه من المزابنة).
(المزابنة): مفاعلة من الزبن وهو الدفع وسمي خزان جهنم بالزبانية لأنهم يدفعون الكفار إليها وسميت هذه بذلك لأن كل واحد من البيعين يرى أنه دفع صاحبه عما يريده من الفائدة بجهل المبيع وقاعدة المذهب أن الجهل بالتماثل كتحقيق التفاضل فيما لا يجوز فيه التفاضل فلذلك لا يجوز التمر بالرطب وما ذكر معه.
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الرطب بالتمر فقال: " أنيقض الرطب إذا يبس؟ " قال: "نعم " فنهى عن ذلك.