وأما صفة الذكاة فقد تقدمت عند قوله (وتوجه الذبيحة) إلى آخره وما تعرض له هنا هو شرط صحتها من صفتها وهي أربعة في البح النية والاستقبال أي كون القطع من أمام الحيوان المذبوح والفور في الإجهاز بمرة دون رفع ولا تراخ وقطع كل المأمور به وجوبا من محله فلو ذبح لا بنية الذكاة فلا تؤكل ولو ذبح من القفا لم تؤكل وسيأتي في كلام الشيخ ولو رفع يده قبل الإجهاز فكذلك وتأتي إن شاء الله والمقطوع في الذكاة أقله ما ذكره الشيخ من الحلقوم والأوداج.
عياض والناس مجمعون على صحة الذكاة إذا قطع الأربع التي هي الحلقون والأوداج والمريء تحت الجوزة التي هي الغلصمة ابن الحاجب ولو لم يقطع الجوزة وأحازها إلى البدن فثلاثة وشهر التلمساني المنع وهو قول مالك وابن القاسم وغيرهما (ع) الشيخ عن يحيى بن عمر على المنع إن بقي منها في الرأس قدر حلقة الخاتم أكلت وإلا فلا ولابن رشد واللخمي إن بقي قدر نصف الدائرة فعلى قول ابن القاسم وسحنون في اعتبار قطع الحلقوم ولغوه فانظر ذلك.
وفي كلام الشيخ هنا أنه لو ترك المريء وهو المعروف بأبي حشيشة عندنا لم يضر ذلك وهو المشهور خلافا لرواية أبي تمام وقال الباجي لا أعلم من اعتبر المريء إلا الشافعي وفي المدونة لا يكفي قطع الودجين دون الحلقوم وهو معروف المذهب وخرج ابن رشد واللخمي عدم اعتبار الحلقوم من مسائل من المدونة فانظر ذلك وظاهر ما هنا يكفي نصف الحلقوم وقاله سجنون وقال ابن حبيب وعن ابن القاسم يكفي في الطير فقط عياض ولو قطع الحلقوم وأحد الودجين فقولان لمالك ولو قطع الحلقوم والودجين إلا يسيرا منهما فالمشهور عدم أكلها وهو مذهب المدونة وقال ابن محرز لا تحرم والمغلصمة ما رجعت الغلصمة فيه إلى البدن والغلصمة آخر الحلقوم من جهة الرأس ولا يخلو القطع من وجوه.
أحدها: أن يكون في العقدة نفسها أو فوقها فإن كان القطع فيها وبقيت منه لناحية الرأس دائرة فلا خلاف في جواز أكلها لأن الذكاة قد حصلت في الحلقوم والودجين وإن بقي في الرأس أقل من دائرة فلا يخلة إما أن يكون النصف أو أقل ويجري الخلاف فيها مجرى الخلاف في الاكتفاء ببعض الحلقوم.