ذلك إن شاء الله.
والسميع البصير صفتان زائدتان كغيرهما ليستا براجعتين إلى العلم. إذ قد أثبتهما القرآن مع ذكره أي: العلم، وقال الأستاذ أبو منصور هما راجعتان إليه، والصحيح خلافه، وأنهما واجبتان لكماله تعالى إذ لا يمنع منهما إلا الآفة لو كان الرب تعالى مؤفاً لكان ناقصاً في وصفه قال بعضهم: ولو كان كذلك؛ لكان في المخلوق من هو أكمل منه، ومهما وقع النقص في حق البارئ، والكمال في حق المخلوق فتلك إذا قسمة ضيزي.
وقال الإمام الغزالي – رحمه الله – ولو كان تعالى غير سميع ولا بصير لقلب أبو إبراهيم الحجة عليه حيث قال: {لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ} [مريم: 42] بأن يقول: والذي تدعو إليه أنت كذلك مع أنه تعالى يقول: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ} انتهى. وفيه حجة على البلخي ومعتزلة بغداد إذ أنكروا السمع والبصر والعلي الكبير هو المتعالي عن أوصاف خلقه الذي لا يدرك كنه علوه وكبريائه غيره، وعلوه، وكبرياؤه المزية والمنزلة والمكانة والأوصاف المعنوية لا المكان والأوصاف الحسية فبصره لا بحدقة وأجفان، وسمعه لا بأصمخة وآذان، وكلامه لا بلهاة وشفة ولسان، كما يعلم بغير قلب، ويبطش بغير جارحة، ويخلق بغير آلة، ويدبر بغير فكرة وترتيب، وأن لا يحجب سمعه بعد، ولا يدفع رؤيته ظلام، لأن هذه كلها من لوازم النقص والحدوث وصفاته تعالى لا نقص، ولا حدوث فيها فيجب لصفاته تعالى من التتريه والتعظيم ما يجب لذاته الكريمة.
(وإنه فوق عرشه المجيد بذاته وهو في كل مكان يعلمه).
يريد فوقية معنوية كما يقال: السلطان فوق الوزير والمالك فوق المملوك والشريف فوق الدنيء لا أنها حسية، كالسماء فوق الأرض وما في معناه لانتفاء الجهة في حقه تعالى لما يلزم عليها من النقص والحدوث، والعرش في اللغة: عبارة عما علا وارتفع، ومنه جنات معروشات، والمراد هنا مخلوق عظيم جامع للكائنات، الكرسي والسموات في جنبه كحلقة ملقاة في فلاة هو أجل الموجودات وأعلاها منصباً وأشرفها قدراً سوى بني آدم والملائكة فهو فوق العالم كله في الجلالة والرفعة، لكن رفعته