الأسماء من الصفات والأفعال على قولين فمنع الشيخ الأشعري وأجاز غيره، وكأنه مذهب الشيخ هذا وهو ظاهر مذهب عامة المتصوفة إذا طابق المعنى وأفاد أدباً وكان ما اشتق منه ثابتاً بقاطع من كتاب أو سنة أو إجماع.
وقد قال الشيخ أبو العباس بن البنا: لا يصح أن تكون أسماء الله مشتقة من شيء لأن المشتق مسبوق بالمشتق منه وأسماؤه تعالى قديمة فلا يصح أن تكون مشتقة من شيء قال: وإنما الأشياء مشتقة منها لقوله في الحديث هي «الرحم وأنا الرحمن شققت لها اسما من اسمي» ومنه قول حسان رضي الله عنه:
وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد
قال: وإنما يقال في مثل اسمه السلام فيه معنى السلامة قال بعض الشيوخ: وما ذكره لا يدفع ما وقع من أئمة الاشتقاق لأنه بمعنى ما ذكر ومرادهم جرى الاسم بمعنى ملحوظ فيه والله أعلم.
وقيل: المدبر المريد أي المخصص للأشياء بما أراد من زمان معين وكيف ونحوه وقد وقع في بعض النسخ بهذا اللفظ وإن كان الصحيح خلافه فالمراد إثباته ويشهد لذلك اقترانه بالعليم أولاً وبالقدير آخراً لأن الصفات الثلاث هي التي شهد فيها وجود المخلوقات فالعلم دليل الإيقان والإرادة للتخصيص والقدرة للإبراز فوجود العالم متقناً دليل على علم موجده، وكونه مخصصاً بزمان ومكان وكيفية دليل على الإرادة وإبرازه من العدم إلى الوجود دليل القدرة والكل شاهد بالحياة؛ لأن ذلك لا يكون من ميت ولا موات، والقدير فعيل من القدرة أتى بصيغة المبالغة لكثرة المتعلقات وقوة التأثير.
ثم العلم عام التعلق فيتعلق بالواجب والمستحيل والجائز والإرادة تتعلق بالجائز نفياً وإثباتاً والقدرة إنما تتعلق بالجائز المستحق وقوعه وتعلق القدرة بالأشياء قبل وجودها تعلقاً صلاحياً وعند إبرازها تعلقاً تنجيزياً وكذا الإرادة في تخصيصها ويتعلق العلم بالواجب من حيث وجوبه ووجوده كالعلم بذاته وصفاته وأسمائه وبالجائز من حيث جوازه وثبوته أو انتفائه وبالمستحيل من حيث نفيه وعدم قبوله الثبوت وما يجري بتقدير وقوعه كقوله {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] ومذهب أهل الحق أن هذه صفات زائدة على الذات لا عينها ولا متعلقة بغيره وسيأتي الكلام في