الرسل إليهم) أخر الباب فاعرف ذلك وتأمله وبالله التوفيق.
(العالم الخبير المدبر القدير السميع البصير العلي الكبير).
العالم من قام به العلم قاله الأشعري قال القاضي: والعلم عرفة المعلوم على ما هو به وألزم الطرد والعطس وإن كل علم معرفة وكلها علم قال بعضهم فالتزمه يريد منع الإطلاق لعدم التوقيف فلا يقال فيه عارف لعدم وروده شرعاً لأن الصحيح مذهب الشيخ الأشعري: إن الأسماء توفيقية لا تشبت إلا بكتاب أو سنة أو إجماع وفي خير الآحاد قولان المنع للشيح لقوله تعالى: {أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 28] والجواز للجمهور لأنها عبادة وعمل ونظر غير واحد من الأئمة في تفسير القاضي العلم من حيث أن المعرفة جزئية والخبير فعيل من الخبر كالعليم من العلم أتى به للمبالغة.
قيل: وهو معنى العلم، وقد قال الشيخ ناصر الدين: إن المبالغة في العلم لكثرة المتعلقات لأن حقيقة العلم لا تقبل المبالغة قال والخبير بمعنى العليم في بناء المبالغة إلا أن الخبير قد يراد به المخبر ويشعر بإخباره عن الخفيات وقد يراد به المختبر ومنه قيل للفلاح خبير لاختباره حال الأرض في الحرث ويراد به المطلع على الشيء المشاهد له والله تعالى خبير بهذه الاعتبارات فهو مخبر ومختبر ومشاهد لما غاب ولما حضر ومطلع على ما ظهر واستتر انتهى.
وعلى هذه الوجوه قيل معناه: الذي عنده خبر كل شيء فلا يغيب عن علمه شيء، وقيل: المخبر عن الأشياء والمظهر لها على وفق علمه، وقيل: المختبر للأشياء أي مظهرها على وفق علمه كما يأتي بعد هذا من قول الشيخ علم كل شيء قبل كونه فجرى على قدره أي جرى ما قدر على ما علم والمدبر بالدال قبل الموحدة هو المبرم للأشياء على علمه بأدبارها أي عواقبها وما يؤول إليه أمها، ولم يرد هذا الاسم في كتاب ولا سنة وإنما ورد معناه في الوصف في مواضع من كتاب الله فقال تعالى: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ} في سورة " يونس ".
وقال عز من قائل: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ} " في سورة الرعد "، وقال جل علا {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ} [السجدة: 5] وقد اختلف في اشتقاق