وإن كان الطلاق أثناء النفاس فهو كالطلاق أثناء الحيض على القول بصحته، فإنه لا يحسب من العدة، فإن الرجل إذا طلق امرأته وهي حائض – على القول بصحته – فإنها لا تحسب هذه الحيضة، وكذلك النفاس.

وأما البلوغ فإن المرأة متى حملت فإن ذلك دليل سبق بلوغها، فإنه لا يكون حمل إلا بعد الاحتلام والإنزال، وهذا دليل البلوغ – فحينئذ: لا يتعلق البلوغ بالنفاس؛ لأن هذا مسبوق بحمل والحمل لا يكون إلا باحتلام.

ومن الاستثناءات: أن المُولي وهو الذي يحلف ألا يطأ امرأته أكثر من أربعة أشهر، فإن الحيض يحسب، إذا تُربص به أربعة أشهر.

أما النفاس فلا يحسب؛ لأن مدة الحيض معتادة بخلاف مدة النفاس فإنها ليست بمعتادة.

قال: (وإن ولدت توأمين فأول النفاس وآخره من أولهما)

امرأة ولدت توأمين فأنجبت الأول ثم بعد أربعين يوماً جاءت بالثاني فما الحكم؟

فأول النفاس وآخره من أولهما، إذن الثاني على المدة التي تقدم ذكرها لا يكون له شيء من النفاس، فالمدة متعلقة بالأول؛ لأن هذا الدم خرج بسبب الولادة وهما كانا حملاً واحداً فحكمهما واحد – وهذا مذهب الجمهور -.

- وذهب الإمام أحمد في رواية عنه – وهو وجه عند الشافعية –: إلى أنه يحسب من الثاني.

قالوا: لأن الدم الخارج مع الثاني دم خارج بسبب الولادة فلا معنى لعدم اعتباره، وظاهر هذا القول أن المدة التي توقفت لها عن وضع الثاني لا تحسب من النفاس، وإنما تحسب من الثاني، وهذا – كذلك – فيه ضعف.

والذي ينبغي أن يقال: أن كليهما له نفاسه، فالأول له نفاسه، فإذا وضعت الثاني فتستأنف النفاس مرة أخرى وتحسب أربعين يوماً.

إذن الراجح: أن الدم الخارج مع المولود الثاني معتبر خلافاً للمشهور في المذهب – كما هو رواية عن الإمام أحمد –؛ لأنه دم خارج بسبب ولادة مستقلة وإن كانت عن حمل واحد، فهي ولادة مستقلة وقد خرج بسببها هذا الدم فكان الواجب اعتباره لا إلغائه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015