فيأتي المدعي والمدعى عليه الى القاضي ويدلي المدعي ببينته، ويتم لقاضي القضية ثم يحكم فيها ثم يكتب إلى قاض آخر في بلد أخرى أو في البلد نفسها – يكتب اليه بحكمه، فيقول: حكمت على فلان بأن لفلان عليه مئة ألف فنفِّذ هذا القضاء.
أو ادعى فلان على فلان أنه قد قذفه وأتى ببينة تدل على ذلك،فحكمتُ بجلده ثمانين جلده فنفِّذ ذلك.
أو أن يكتب القضية ولا يحكم فيها فيكتب: شهد عندي فلان وفلان على أن فلانا قد أقرض فلاناً كذا، أو يقول: ثبت عندي أن فلاناً قد أقرض فلاناً كذا ويكتب البينة.
ففى الصورة الأولى: أرسل اليه بالحكم لينفذه.
وأما في الصورة الثانية: فانه لم يحكم سواء عبر بقوله: " شهد عندي فلان وفلان "، أو بقوله:" ثبت عندي أن لفلان على فلان " ولا يقال: إن قوله: " ثبت عندي " حكمٌ؛ للفرق بين الحكم والثبوت، فإن الحكم فيه أمر ونهي يقتضي الإلزام، وأما الثبوت فليس كذلك.
ومثل هذه المسألة يحتاج إليها، فقد يكون القاضي في هذا البلد ضعيفا لا يستطيع أن ينفذ الحكم فيكتب بالقضية لتنفذ من قاضي أقوى منه.
أو أن يكون المدعى عليه له بالقاضي صلة قوية، فيخشى إن نفذ الحكم أو حكم أن يترتب على ذلك قطيعة رحم فيرسل بالقضية إلى قاضٍ آخر للمصلحة.
فالحاجة تدعو الى كتاب القاضي الى القاضي ومن ثم فقد أجمع أهل العلم على صحة كتاب القاضي الى القاضي.
قال:] في كل حق حتى القذف لا في حدود الله كحد الزنا ونحوه [
فالقضايا التى تقبل فيها كتابة القاضي إلى القاضي: هي كل حق - أي من حقوق الآدمي – حتى القذف.
فكل ما كان من حقوق الآدميين فإن القاضي له أن يكتب بالقضية إلى القاضي الآخر وهذا بالاتفاق.
واستثنى المؤلف حدود الله كحد الزنا ونحوه، فلا تقبل فيها كتابة القاضي إلى القاضي، فلا يحل أن يكتب القاضي: قد شهد عندي أربعة شهود على أن فلانا قد زنا.