قالوا: لأنها من حدود الله وحدود الله ينبغي فيها الستر؛ ولأن الحدود تدرأ بالشبهات،وكتابة القاضي إلى القاضي فيها شبهة، هذا هو المشهور في المذهب.
وهذا القول ضعيف.
- ولذا فقد اختار شيخ الإسلام وهو مذهب الشافعية والمالكية وحكي رواية عن الإمام أحمد: أن كتابة القاضي في الحدود مقبولة.
وذلك لأنه لا فرق بين المسألتين.
وما ذكروه فهو ضعيف
أما قولهم: إن حدود الله يجب فيها الستر.
فالجواب: أنه قد فضح نفسه بإتيانه ما حرمه الله عليه.
ولأنه قد يكون في الإظهار مصلحة، وقد قال تعالى: {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين}
ثم إن مصلحة كتابه القاضي إلى القاضي أعظم من هذه المصلحة.
وأما قولهم: إن الحدود تدرأ بالشبهات؟
فالجواب: أن هذه شبهة ضعيفة، أشبه ما تكون بشبهة كذب الشهود، فإن الشهود يحتمل فيهم الكذب، ومع ذلك فإذا شهد شاهدان أن فلانا قد قتل فلانا عمداً فإن القتل يثبت مع أن الكذب محتمل.
فليس كل شبهة ينظر إليها، بل لا بد أن تكون الشبهة قوية يدرأ بها الحد – كما تقدم في كتاب الحدود.
إذن: الصحيح أن حدود الله كذلك أي يقبل فيها كتاب القاضي إلى القاضي.
قال:] ويقبل فيما حكم به لينفذه [.
هذه الصورة الأولى: وهي أن يكتب القاضي إلى قاضٍ آخر بالحكم كأن يكتب له: " قد حكمت على فلان بأن يجلد مئة جلدة لأنه قد ثبت عليه الزنا " فهنا يقبل هذا الكتاب ويجب على القاضي أن ينفذه، وذلك لأن حكم القاضي لازم فيجب تنفيذه.
قال:] وإن كان في بلد واحد [
كأن يكتب قاضٍ في المحكمة إلى قاضٍ آخر في المحكمة نفسها أو في محكمة أخرى في البلد، أو أن يكتب بعض القضاة إلى رئيس القضاة لينفذ ونحو ذلك – ولو كانا في بلد واحد؛ لوجوب تنفيذ حكم القاضي.
قال:] ولا يقبل فيما ثبت عنده ليحكم به إلا أن يكون بينهما مسافة قصر [
هذه الصورة الثانية: وهي أن يكتب إلى قاضٍ آخر فيما ثبت عنده ليحكم به.