وقال: الآية المتقدمه ((واشهدوا ذوى عدل منكم)) هي في التحمل، فالإنسان لا يحمّل الشهادة إلا ذوي العدالة لأن من لم يكن كذلك يخشى ألا يحمل العدالة،لكن إن حملها وأداها فإنها تقبل منه لأن الله قال ((واشهدوا ذوي عدل منكم)) فالشهادة تحمل ذوى العدالة لكن إذا أداها من ليس بعدك لكنه مرضى عند الناس فإن الشهادة تقبل.

-وهذا القول هو الذي لا يسع الناس إلا العمل به، وذلك لأن الناس تقل فيهم العدالة جدا – أي العدالة الظاهرة والباطنة فهذا يسب الناس وهذا يغتابهم وهذا يتكلم بالنميمة وغير ذلك فيقل في الناس العداله فلا يسع الناس إلا ما ذكره شيخ الإسلام فمن كان مرضيا عند الناس يعلم أنه يحمل الشهادة وأنه يصدق فيها وإن كان ممن يقترف بعض الكبائر ويصر على بعض الصغائر فإنه متى علم أنه يؤدى الشهادة أداء صحيحا وأنه مرضي فإن شهادته تقبل. وهذا موضع ضرورة ولا يسع الناس إلا هذا.

قال:] ومن جهلت عدالته سأل عنه [.

فإذا جهلت العدالة، فلا يدري القاضى هل هذان الشاهدان عدلان أم لا فإنه يسال أهل الخبرة الباطنة بهم.

قال:] وإن علم عدالته عمل بها [.

فاذا علم القاضي أن هذا عدل فإنه يعمل بذلك اتفاقا، كما تقدم في مسألة سابقة في الدرس السابق.

قال:] وإن جرح الخصم الشهود كلف البينة به [.

فإذا قال الخصم: هؤلاء الشهود ليسوا بعدول لا تصح شهادتهم.

فالحكم أن يكلف البينة به. فيقال له: أحضر من يشهد على هذا أي من يشهد على أنهما ليسا بعدلين وأنهما فاسقان ويشترط في هذا الجرح ان يكون مفسراً.

فلو أتى بشاهدين فشهدا على أن هذين الشاهدين فاسقان فلا يقبل ذلك حتى يبينا سبب الفسق، فيقولان مثلا: يشربان الخمر، وغير ذلك مما يجرح.

وذلك لأن الناس يختلفون اختلافاً كبيراً في أسباب الجرح فقد يجرح الجارح بما ليس بجرح، وقد يفسق بما لا يفسق بمثله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015