ويدل على ذلك: ما ثبت في البيهقي بإسناد صحيح:" أن رجلاً شهد عند عمر رضى الله عنه، فقال له عمر:"إني لست أعرفك، ولا يضرك أني لا أعرفك فأتني بمن يعرفك " فقال رجل: أنا أعرفه يا أمير المؤمنين " فقال له: بأى شئ تعرفه فقال: بالعدالة، فقال هو جارك الأدنى الذي تعرف ليله ونهاره ومدخله ومخرجه؟ "فقال لا.
فقال: عاملك بالدرهم والدينار اللذين يستدل بهما على الورع؟ قال: لا.
فقال: فصاحبك في السفر الذي يستدل به على مكارم الاخلاق؟ قال لا.
فقال: لست تعرفه، ثم قال للرجل: ائتني بمن يعرفك)) .
فهذه هي العدالة الباطنة، يعلمها الجار الأدنى، ويعلمها الصاحب ويعلمها الذي يعامل الناس ببيعهم وشرائهم وغير ذلك من معاملاتهم بهذا نعرف العدالة الباطنة، وليس المراد شق القلوب فإن ذلك لا يعلمه إلا الله عز وجل.
-والقول الثاني في المسألة وهو رواية عن أحمد وهو مذهب أبي حنيفة أنه يكتفى بالعدالة الظاهرة، لأن الأصل في المسلمين العدالة.
-والصحيح هو الأول، للأثر المتقدم، ولأن الأصل في المسلمين ليس العدالة – كما قرر هذا شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم.
لقوله تعالى ((وحملها الإنسان انه كان ظلوماً جهولاً))
فالإنسان مركب على الظلم والجهل، فليس صحيحاً أن الأصل في المسلمين العدالة.
فالصحيح هو القول الأول. ويدل عليه قوله تعالى ((واشهدوا ذوي عدل منكم)) فلم يقل: واشهدوا اثنين منكم " يدل على أنه لا يكتفى بالإسلام بل لا بد أن يكون من أهل العدالة.
-واختار شيخ الإسلام ابن تيميه: انه يكتفى بما يرضاه الناس، بمعنى: أن يكون الرجل أميناً ليس معروفاً بالكذب فمن رضيه الناس فإن شهادته تصح، لقوله تعالى ((ممن ترضون من الشهداء)) .