كمسألة: قتل الجماعة بالواحد.

فإذا قطع جماعة طرفاً أو جرحاً يوجب القود فعليهم جميعاً القود بالشرط المتقدم في قتل الجماعة.

وقد ثبت في صحيح البخاري: أن رجلين شهدا عند علي بن أبي طالب، أن رجلاً قد سرق فقطع يده، ثم جاءاه وقالا: هو السارق وأخطأنا بالأول: فردّ رضي الله عنه شهادتهما على الثاني وغرّمهما دية الأول وقال: لو علمت أنكما تعمدتما لقطعتكما) .

فإذا اجتمع جماعة على قطع أو جرح فالقود عليهم جميعاً كأن يضعوا حدية على مفصل ثم يجتمعون عليها حتى يقطعوا اليد أو الرجل، أو يتواطؤا على ذلك كما تقدم تقريره على قتل الجماعة بالواحد.

قال: [وسراية الجناية مضمونة في النفس فما دونها] .

إذا سرت الجناية فإنها مضمونة.

فلو قطع رجل إصبع آخر ثم سرت الجناية إلى الإصبع الأخرى فالقود للأصبعين.

أو قطع إصبعه فسرت الجناية لليد كلها كأن تنزف اليد حتى شُلت فيكون القود في اليد كلها.

وذلك لأن السراية من أثر الجناية فكانت مضمونة كالجناية.

قال: [وسراية القود مهدورة] .

رجل قطع يد آخر فقطعت يده فلما قطعت يده سرت الجناية إلى نفسه حتى مات بسبب قطع يده فلا ضمان وذلك لأنه لا تعدى.

هذا حيث لم يكن هناك إسراف.

لكن لو كان ذلك من برد شديد أو حر شديد أو كان مريضاً لا يتحمل قطع اليد فقطعت يده، فحينئذ السراية مضمونة.

وكذلك لو قطعه بآلة كالة أو مسمومة فحينئذ يكون الضمان لوجود التعدي.

أما إذا لم يكن هناك تعدٍ فلا ضمان لأن ما ترتب على الفعل المأذون فيه فليس بمضمون.

قال: [ولا يقتص من عضو وجرح قبل برئه كما لا تطلب له دية] .

فلو أن رجلاً قطعت كفه، ومازال الجرح فإنه لا قصاص ولا دية حتى يبرأ الجرح وذلك لاحتمال السراية فإنه يحتمل أن تسري الجناية إلى عضو آخر.

فإن تعجل واقتص من الجاني فسرت الجناية بعد ذلك فلا شيء في ذلك وهي هدر، وذلك لأنه قد استعجل حقه ومن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015