وإذا قلعت له سن أو أزيلت له منفعة ونحو ذلك فإنه لا يستعجل لا بالقصاص ولا بالدية حتى ينظر وقتاً يمكن أن تعود فيه فالسن إذا كانت مما يرجى عودها أو المنفعة إذا كانت مما يرجى عودها فلا قصاص ولا دية ويضرب الخبير يمكن أن تعود فيها هذه المنفعة أو تعود فيها هذه السن وحينئذ لا دية ولا قصاص وإنما فيه تعزير.
مسألة:
اختار شيخ الإسلام وابن القيم وهو رواية عن الإمام أحمد وهو قول ابن المنذر وهو قول جماعة من أهل الحديث خلافاً لجمهور العلماء ثبوت القصاص في اللطمة والعصا والمال ونحو ذلك فإذا أتلف ماله فله أن يقتص بإتلاف المال وإذا هرب بالعصا فله أن يحرق سيارته المماثلة لها وذلك لحصول التشفي وهو مقصود.
وقال الجمهور: ليس له ذلك، لعدم المماثلة في الغالب فقد تكون العصا أشد من العصا، وقد تكون اللطمة أشد من اللطمة ونحو ذلك.
والصحيح ما ذهب إليه شيخ الإسلام ومن وافقه في هذه المسألة وذلك لقوله تعالى: ((وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خيرُ للصابرين)) .
وقوله: ((فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم)) .
وروى البخاري في صحيحه: "أن عمر رضي الله عنه أقاد من الدّر وأن علياً أقاد من ثلاثة أسواط".
وهذا هو القول الراجح، لقوة أدلته، وأما الجواب عما استدل به الجمهور: من أن المماثلة لا تثبت غالباً.
فالجواب: أن العدل مطلوب بحسب الإمكان ثم إن الجمهور يوجبون التعزير وهو أبعد مماثلة، فكوننا عندما يضرب رجل رجلاً سوطاً نسجنه يوماً فإن سجن يوم أبعد مماثلة من ضربه بعصا.
أما إذا ضرب بعصا وإن كنا نحتمل احتمالاً كبير أن يختلف قدر الضربة لكنهما متقاربان.
فإن قيل: إن في إتلاف المال إفساداً.
فالجواب: أن إفساد المال ليس بأعظم من إفساد الأطراف ومن الجراح ومن قتل النفس، فإن الرجل تقطع يده إذا قطع يد الآخر ويده أعظم من ماله.
وهذا كله لمصلحة التشفي وإزالة الغيظ من المجني عليه.