قالوا: وإذا ثبت الصلح في حد السرقة أو قذف فإن الحد يسقط ويرد العوض على صاحبه، أما سقوط الحد فلأنه رضي بإسقاطه، وأما رد العوض فلأن الصلح باطل، والجواب أن يقال: إنه إنما رضي بإسقاطه حيث ثبت العوض وأما إن لم يثبت العوض فلا رضا، وهذا على القول بأن الحد حق للآدمي كحد القذف، والصواب أنه حق لله تعالى وللآدمي، فلا يسقط بإسقاط الآدمي له، فإذا أسقط المقذوف حقه فإن الحد لا يسقط لبقاء حق الله عز وجل، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله في باب الحدود، وعلى هذا فالصحيح أن الشفعة يثبت فيها الصلح، وأن الحدود إن كان يعتاض عنها كحد القصاص فإن الصلح يثبت فيها، وأما إن كانت لا يعتاض عنها كحد القذف وحد السرقة فلا صلح فيها كما سبق بيانه.
* واعلم أن صلح الأجنبي عن المنكر صحيح سواء كان بإذن المنكر أو بدون إذنه، مثال هذا: ادعى زيد على عمرو أن الدار التي بيد عمرو له، فصالح أجنبي وهو بكر، صالح زيدا على كذا وكذا من المال، مقابل ترد هذه الدعوى وقطع هذه الخصومة عن عمرو، فإن هذا الصلح جائز سواء أذن بذلك المدعى عليه أو لم يأذن، وقد تقدم فيما مضى ما إذا صالح المدعى عليه عن نفسه، وإذا صالح الأجنبي عنه فإن هذا جائز سواء أذن بذلك المدعى عليه أم لم يأذن، وذلك لأن الصلح فيه إبراء للذمة وقطع للخصومة فأشبه قضاء الدين عنه، وتقدم أن قضاء الدين عنه جائز أن أم لم يأذن.
** وهل يرجع عليه أم لا؟
الجواب فيه تفصيل:
- إذا أذن له المدعى عليه بالمصالحة عنه، ولم ينو هذا الأجنبي التبرع بل نوى الرجوع، فإنه يرجع عليه فيأخذ حقه ويكون كالوكيل.