- وأما إذا لم يؤذن له بذلك وتصرف من غير إذن فإنه لا يرجع مطلقا سواء نوى التبرع أم لم ينوه، لأن هذا الصلح غير لازم للمنكر فإنه يمكنه أن يدفع هذه الخصومة باليمين فلم يكن هذا الصلح لازما في حقه، فحينئذ لا يلزمه أن يعطي الأجنبي ما دفعه من المال في هذا الصلح، لأنه قد تصرف عنه بما لا يلزمه، فلا يجب عليه كما تقدم في مسألة شبيهة بهذه.

قوله [وإن حصل غصن شجرته في هواء غيره أو قراره أزاله]

هنا في أحكام الجوار وهي داخلة في مسائل الصلح، لأن الصلح يجوز في مسائل منها يأتي ذكرها إن شاء الله، أو أن يكون هذا من باب ذكر الشيء مع ما يناسبه.

فإذا حصل غصن شجرته في هواء غيره أو قراره أزاله، لأن مالك القرار مالك للهواء، فمن ملك أرضا فإنه يملك هواءها، وتقدم هذا في باب بيع الأصول والثمار، فإذا غرس جاره شجرة في ملك نفسه فخرجت أغصانها إلى قرار أرض جاره أو هوائها وطالبه الجار بإزالة ذلك فإنه يجب عليه أن يزيلها، ولذا قال المؤلف هنا (أزاله) ، هذا إذا كان يطلب منه ذلك، وهل يجبر على هذا أم لا؟

قولان في المذهب:

القول الأول: وهو المشهور من المذهب أنه لا يجبر، قالوا: لأنه هذا ليس من فعله.

القول الثاني: وهو الراجح أنه يجبر على هذا، لأنه وإن لم يكن من فعله فهو من فعل ملكه، وهذا الشجر في ملكه، والشجر غير مكلف فكان التكليف لاحقا للمالك، فعليه أن يزيله، فإن أجبره الحاكم فلم يفعل فترتب ضرر بعد مطالبة الجار فإنه حينئذ يضمن لأنه قد تعدى والمتعدي ضامن.

قوله [فإن أبى لواه إن أمكن وإلا قطعه]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015