ومما لا يقع فيه الخيار العتق، فإذا اشترى رجل من آخر رقيقا يعتق عليه، أو يقول المشتري: إذا اشتريت فلانا فهو حر، فإذا اشتراه فإنه يعتق مباشرة ولا خيار، وذلك لتشوف الشارع إلى العتق، ومثل ذلك الكتابة، فلو أن رجلا كاتب مملوكه على كذا وكذا من الأقساط يدفعها له شهريا أو سنويا، فليس للسيد الخيار في مثل هذا العقد، وإن كان بمعنى البيع، وذلك للعلة السابقة، وهي تشوف الشارع إلى العتق، قالوا: ومثل ذلك إذا كان متولي طرفي العقد واحد، كرجل وكل من بائع أن يبيع له، ومن مشتري أن يشتري له، فهنا لا خيار، إذ لا يمكن إثبات الخيار لتعذر التفرق في الشخص الواحد.
وقال بعض أهل العلم من الحنابلة: بل يثبت الخيار، ويكون الخيار ما دام في المجلس الذي أوقع فيه العقد، والذي يظهر هو القول الأول، وان هذا إنما حيث كان طرفا العقد شخصين، لئلا تخرج السلعة من صاحبها إلا بعد الرضا التام، وحيث كان واحدا فإن هذا لا يحتاج إليه، إلا أن يكون الخيار له بالنظر في مصلحة كل من الطرفين الذين تولى عنهما البيع والشراء فقد يكون في القول الثاني قوة.
* وهل يورث الخيار؟
فيه قولان في المذهب، ومثاله: إذا مات الرجل في مجلس الخيار، فهل يورث خياره أم لا؟ فقال بعضهم إنه لا يورث، لأن الموت أعظم فرقة، وهذا هو المشهور من المذهب، وقال بعض أهل العلم إنه يورث، وهذا هو القول الثاني في المذهب، وذلك لأن الخيار حق له فيورث كسائر الحقوق، والقول الأول أظهر لأن الأصل لزوم البيع والموت أعظم فرقة.
قوله [وإذا مضت مدته لزم البيع]
أي إذا تفرقا في مدته لزم البيع، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك أحدهما البيع فقد وجب البيع) ، فمراد المؤلف بقوله (وإذا مضت مدته) أي مدته التي تقدمت أنها معتبرة بحسب العرف، وهو التفرق العرفي بالأبدان.