قوله [الثاني: أن يشترطاه في العقد مدة معلومة ولو طويلة]
هذا هو النوع الثاني من أنواع الخيار، وهو خيار الشرط.
والفارق بين خيار المجلس وبين خيار الشرط أن خيار المجلس من وضع الشارع، وأما خيار الشرط فهو من وضع المتعاقدين، فخيار الشرط خيار وضعي، وأما خيار المجلس فهو خيار شرعي.
وخيار الشرط يدل عليه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (المسلمون على شروطهم) ، ويدل عليه قول الله تعالى {أوفوا بالعقود}
وقوله (أن يشترطاه) ظاهره أنهما لو اشترطاه قبل العقد فليس بمعتبر، وأنه يشترط أن يكون في صلب العقد، فلو قال رجل لآخر: لو بعتني سلعتك على أن يكون الخيار لي شهرا، فقال الآخر بعتك، فقال: قبلت، فشرطه هذا ليس بمعتبر، لأنه ليس في صلب العقد، وإنما يكون معتبرا إذا قال: بعني على أن يكون الخيار لي لمدة شهر، ثم يقول: قبلت، والراجح في هذه المسألة نظير المسألة السابقة، وأن هذا داخل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (المسلمون على شروطهم) ، وهذا عام في الشروط كلها، سواء كانت في صلب العقد أم قبله، وتقدم الاستدلال بمزيد أدلة على هذه المسألة في الشروط في البيع، فقد تقدم أن الشروط في البيع في المشهور من المذهب لا تصح إلا في صلب العقد، وتقدم أن الراجح أنها تصح قبله.
وكما أن خيار الشرط يصح في صلب العقد، فيصح أثناء مدة الخيار، سواء كان الخيار خيار شرط أو خيار مجلس، فإذا قال: بعتك هذه السلعة على أن يكون لي الخيار ثلاثة أيام، فقال: قبلت، فقبل أن تتم المدة قال: أريد أن يكون الخيار شهرا، فإن ذلك مقبول لأن البيع لم يجب بعد، ومثل هذا في خيار المجلس، بأن قال قبل أن يتفرقا: اشترط الخيار لمدة شهر، وكانوا لم يشترطوا ذلك في العقد، فإن ذلك جائز.