ودليل ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أو يخير أحدهما الأخر، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع) [خ 2112، م 1531] ولأنه حق لهما لمحض مصلحتهما، فإذا أسقطاه أو نفياه أو أسقطه أحدهما فإنه يسقط، أما الآخر الذي لم يسقط حقه فإنه لا يسقط، ويدل لهذا أيضا ما رواه الخمسة إلا ابن ماجة بإسناد جيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (البائع والمبتاع بالخيار ما لم يتفرقا، إلا أن تكون صفقة خيار - أي عقد فيه خيار - ولا يحل لأحدهما أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله) [حم 6682، ت 1247، ن 4483، د 3456] أي ليس لأحدهما أن يبادر الآخر بالمفارقة خشية أن يستقيل الآخر البيع، أي يرجع فيه بحق الخيار الذي هو له، فهذا لا يجوز، وهو الصحيح في المذهب، أما إذا فعل ذلك بغير نية تضييع حقه في الرجوع عن البيع فلا شيء في ذلك، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنما الأعمال بالنيات) ، وأما ما ورد عن ابن عمر - رضي الله عنه - كما في البخاري أنه باع مالا له بالوادي بمال لعثمان بخيبر، قال: فلما تبايعنا رجعت على عقبي حتى خرجت من بيته خشية أن يرادني البيع، فالجواب عنه من وجهين:

الوجه الأول: أن يقال: لعله لم يبلغه النهي.

الوجه الثاني: أنه بادره لطول مجلس عثمان - رضي الله عنه - فإنه كان الخليفة.

فإن فارقه خشية أن يستقيله فقد قال الحنابلة: ويثبت التفرق بذلك، في هذا نظر، بل الأظهر أن التفرق لا يثبت، لأنه تفرق غير شرعي، فهو تفرق منهي عنه، وما دام منهيا عنه فهو فاسد، لا عبرة به، وعلى هذا يثبت الخيار ولا يثبت التفرق لما سبق، وإذا جوزنا ذلك وقلنا إن التفرق يثبت فإننا بذلك نفتح بابا لمثل هذا الفعل، فالأصح أنه لا يثبت التفرق ويظل الخيار كما هو.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015