وهي عند قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تلقوا الركبان) ، والركبان: هم الذين يجلبون السلع إلى أهل البلد من غير أهلها، ولا يجوز لأحد من أهل السوق أن يتلقاهم خارج السوق فيشتري منهم أو يبيع لهم أيضا، لحديث (لا تلقوا الركبان) ، وهذا لمصلحة الركبان، فقد يكون الثمن في السوق أقل من الثمن الذي بيع عليهم، وقد يكون الثمن في السوق أكثر من الثمن الذي اشتري به منهم، فلم يتركوا حتى ينظروا في سعر السوق، فكان ذلك محرما.

ولكن البيع يصح مع خيار الغبن، فهم إذا قدموا السوق فهم بالخيار، فإن ثبت الغبن عليهم فهم بالخيار، إن شاءوا فسخوا البيع، وإن شاءوا أبقوه، لحديث مسلم: (لا تلقوا الجلب فمن تلقى فاشترى منه فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار) [م 1519] أي إذا أتى صاحب السلعة السوق فهو بالخيار إن شاء أمضى وإلا فسخ.

والنهي عن تلقي الركبان ما لم يصلوا إلى السوق فإذا وصلوا إلى السوق فيجوز أن يتلقاهم في أعلى السوق، لأن غاية النهي هو دخلوهم السوق، لقوله - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث ابن عمر: (لا تلقوا السلع حتى يهبط بها أصحابها إلى السوق) [خ 2165] .

المسألة الثالثة:

وهي مسألة التسعير، فلا يجوز للسلطان أن يسعر على الناس، وهو ظلم، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه الخمسة إلا النسائي بإسناد صحيح لما قال بعض الصحابة: يا رسول الله غلا السعر فسعر لنا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزاق وإني لأرجو أن ألقى الله تعالى يوم القيامة وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة دم ولا مال) [حم 11400، ت 1314، د 3451، جه 2200] ، فهذا يدل على تحريم التسعير، وأنه ظلم.

ولكن هل يستثنى من ذلك ما إذا غلت الأسعار غلاء فاحشا يضر بالناس؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015