الفرع الأول: هل يجوز أن يشتري الحاضر للبادي؟

1- قال الحنابلة يجوز ذلك، وذلك لأن النهي إنما ورد في البيع.

2- ونقل عن الإمام أحمد وهو قول طائفة من التابعين كمحمد بن سيرين أن ذلك منهي عنه، ودليل ذلك ما رواه أبو عوانة في صحيحه - كما في الفتح - عن محمد بن سيرين قال: سألت أنس بن مالك فقلت له: لا يبع حاضر لباد، أنهيتهم أن تبيعوا أو تشتروا لهم؟ قال: نعم، أي نعم نهينا أن نبيع أو نبتاع لهم، فيكون الشراء منهي عنه أيضا، ولأن الشراء داخل في معنى البيع كما تقدم، ولأن المعنى أيضا ثابت وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض) .

والصحيح أنه لا يجوز للحاضر أن يشتري للباد إذا توفرت الشروط المتقدمة، أما إذا كان عالما بالسعر محتاطا لنفسه فإنه يجوز له أن يكون سمسارا له كما تقدم في شروط التحريم.

الفرع الثاني: هل يجوز أن يشير على البادي؟

قالوا: إن استشاره فيجب عليه أن يشير عليه، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (وإذا استنصحك فانصحه) [م 2162] وهذا ظاهر، فإنه إذا استشار فقد احتاط لنفسه وواجب حينئذ أن ينصح له.

- وهل يجب عليه أن ينصحه من غير استنصاح؟

في المسألة نظر، قال صاحب الفروع:" ويتوجه النصح " لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (الدين النصيحة) [م 55] والراجح خلاف هذا، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما نهى أن يبيع الحاضر للبادي أو يشتري له ليرزق الله بعض الناس من بعض، ولا شك أن النصيحة له تقوم مقام البيع والشراء له، ويمكن أن يقوي هذا الدليل شرط الحنابلة الذي تقدم ذكره، وهو جواز البيع له والشراء إذا قدم هو على الحاضر، فإنه حينئذ يكون قد احتاط لنفسه، فكما لو استنصح فيجب له النصح.

المسألة الثانية:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015