واستدلوا: بما رواه ابن خزيمة وحسنه البخاري من حديث أبي بكرة الثقفي: أن النبي صلى الله عليه وسلم رخَّص للمسافر بثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوماً وليلة إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما) .

والشاهد قوله: (إذا تطهر فلبس خفيه) فجعل لبس الخفين بعد التطهر، وهو قبل أن يغسل قدمه اليسرى لم تتم له الطهارة بعد.

ومثله الحديث المتفق عليه (دعهما فإني أدخلتهما طاهرين) (?) أي أنه أدخل الخفين القدمين وهما – أي القدمان – طاهرتان.

وذهب أبو حنيفة وهو رواية عن الإمام أحمد واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية –: إلى أنه لا يشترط ذلك.

قالوا: لأنه يصدق عليه أنه لبس الخفين على طهارة.

وفيما يظهر القول الأول فيه قوة، فإن الطهارة لا تتم إلا بعد أن يغسل قدميه، والمسألة محل بحث ونظر.

إذن فهنا قولان:

الجمهور قالوا: إنه يشترط أن يتم الطهارة كلها.

والقول الثاني: إنه لا يشترط ذلك، بل لو لبس الخف الأيمن ثم غسل الرجل اليسرى ثم لبس الخف الأيسر فإنه يجوز له بعد ذلك أن يمسح عليها.

وعلة هذا القول: أنه يصدق عليه أنه لبس الخفين طاهراً، لكن ظاهر الحديث المتقدم أن اللبس يكون بعد التطهر.

فإن قيل: إذا فعل ذلك بمعنى: غسل رجله اليمنى ثم لبس الخف الأيمن ثم غسل رجله اليسرى ثم لبس الخف فما المخرج؟

الجواب: يخلع الخف الأول ثم يلبسه، لأنه لا يشترط الترتيب في لبس الخفين فلو أن رجلاً مثلاً: غسل رجليه ثم لبس الخف الأيسر قبل الأيمن فلا بأس ولا حرج.

فإن قيل: فما الفائدة من هذا الخلع فإنه لا فرق بين الأمرين؟

فالجواب: أنه ثمت فرق بينهما، فإن الفرق أنه لبسه في المرة الأولى وهو لم يثبت طاهراً بعد، فإنه لا يثبت طاهراً من الحدث الأصغر أو الأكبر إلا إذا تمت له الطهارة أما لبسه الثاني فإنه قد فعله بعد تمام طهارته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015