قوله: (ومن مسح في سفر ثم أقام أو عكس أو شك في ابتدائه فمسح مقيم)
هنا ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: (من مسح في سفر ثم أقام)
إذا مسح وهو مسافر بأن لبس خفه في سفر ومسح عليها لكنه قبل أن يتم المدة انتقل إلى الإقامة، فحينئذ يتم مسح مقيم، فينظر ما بقي له من مدة المقيم وهذا بإجماع أهل العلم كما حكاه ابن المنذر رحمه الله.
المسألة الثانية: عكس ذلك وهي أن يمسح في حال الإقامة ثم يسافر.
قالوا: يتم مسح مقيم، إذن: يتم ما كان قد بدأه فإذا مضى يوم وليلة فإنه يجب عليه أن يغسل قدمه هذا هو مذهب الحنابلة.
وتعليلهم: أنه قد اجتمع عندنا مانع ومبيح فرجحنا المانع على المبيح.
فالمبيح أن يمسح ثلاثة أيام ولياليهن هو السفر، والمانع هو كونه ابتدأه بالحضر، فيرجح الجانب المانع على المبيح تغليباً له، وهذا من باب الاحتياط
وذهب أبو حنيفة وهو رواية عن الإمام أحمد، وذكر الخلال أن الإمام أحمد رجع إلى هذا القول: وأنه يمسح مسح مسافر.
وهذا هو الراجح، لأنه أصبح مسافراً فحينئذ جاز له أن يرخص برخص المسافرين ومن ذلك تمام المدة.
ثم أن العلة وهي رفع المشقة والحرج في المسافر ثابتة لمن ابتدأه في حال الإقامة كثبوتها فيمن ابتدأه في حال السفر، وهذا هو الراجح لأنه أصبح مسافراً ولا نظر إلى ابتدائه.
نعم يبني عليه ابتداء الوقت لكنه لا يمنع من أن يكون قد أتم المدة العليا وهي ثلاثة أيام بلياليها.
فالراجح أن المسافر إذا كان قد مسح وهو مقيم ثم سافر فإنه يتم مسح مسافر لأن الوصف الذي علق الشارع به هذا الحكم ثابت به وهو السفر
وكذلك العلة ثابتة فيه وهي رفع الحرج
المسألة الثالثة: (أوشك في ابتدائه فمسح مقيم)
مثال: رجل مسافر قال: لا أدري هل ابتدأت المسح وأنا مسافر أو مقيم؟
قالوا: يمسح مسح مقيم تغليباً لجانب الحظر.