قالوا:وأما قياسهم فهو قياس مع الفارق، والفارق ظاهر، فإن قياس عدم إفساده في الاعتكاف على عدم إفساده في الصوم قياس مع الفارق وهو قياس لما به الله على ما أباحه الله فإنه قد حرم على المعتكف أن يباشر أو يقبل فمادون الإنزال والجماع وأما الصائم فلم يحرم عليه ذلك، وكونه لا يفسد الصوم فلا يعني بذلك أنه لا يفسد الاعتكاف، فإنه مباح للصائم وأما المعتكف محرم عليه ذلك ولم يتبين لي في هذه المسألة شيء، فإن ما ذكره المالكية قوي والرد على ما ذهب إليه الحنابلة وغيرهم قوي أيضاً لكن لم أر دليلاً يدل على أن ذلك مفسد حيث قياسهم على المجامع قياس مع الفارق، فإن كوننا نقيس المباشر والمقبل على المجامع الذي تمت له شهوته، وهذا غاية فعله أنه فعل مقدمات الجماع وما يكون ذريعة إلى الاعتكاف فإن هذا أيضاً قياس مع الفارق، فكلا القولين قد أوقع قياساً مع الفارق فيبقى على الأصل من أن الاعتكاف لا يفسد بذلك، إلا أن يأتي برهان قوي يدل على ذلك وهذا نوع ترحيم في هذه المسألة، وهو أننا نعود إلى الأصل، فالأصل أن الاعتكاف صحيح ولم يأت من أفسده بحجة وأن كان قد أجاب عن حجة لم تفسده سوى الأصل فإن الأصل وإن لم يستدل به هؤلاء فهو دليل قوي لهم، فهذه المسألة الذي يظهر لي البقاء على الأصل فيها وهو صحة الاعتكاف والاعتداء به حتى تبين لنا صحة دليل الإبطال.
قال: (ويستحب اشتغاله بالقرب)