لا يجوز بإجماع العلماء الجماع للمعتكف، فإن فعل فسد اعتكافه قال تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} وفي أثر عائشة المتقدم: (ولا يمس امرأة ولا يباشرها) ومثل ذلك لو باشرها بإنزال فإنه بمعنى الجماع في إفساد الاعتكاف كما هو في معناه في إفساد الصوم وبه تكون الشهوة تامة ولكن اختلف أهل العلم فيما يفعله المعتكف فيما هو محرم عليه كأن يقبل امرأة أو يباشرها بلا إنزال، فإن هذا يحرم على المعتكف.
واستدلوا:بأثر عائشة وفيه: (ولا يمس امرأة ولا يباشرها) وإذا فسر المس بالجماع فإن المباشرة هي ما دونه، وإذا فسرت المباشرة بالجماع فإن المس فيما دونه لأن الأصل في العطف
هو التقارب وأن كان كلاهما يطلق على الجماع، كما أنه يطلق على مادون الجماع، فلما جمع بينهماهنا، دل على أن المراد الجماع ومقدماته أي لا يجوز للمعتكف أن يجامع ولا أن يفعل ما هو من مقدماته من جماع أو قبلة أو نحو ذلك. واختلف أهل العلم هل يفسد ذلك الاعتكاف أم لا؟
القول الأول:وهو مذهب الحنابلة والأحناف وأحد القولين في مذهب التناقض أنه لا يفسده.
القول الثاني وهو مذهب مالك والقول الآخر للشافعي أنه لا يفسده.
أما أهل القول الأول:فقالوا:نحن لم نقل بالإفساد به قياساً على عدم الإفساد به في الصوم، فإنه يباشر ويقبل وهو صائم فكذلك المعتكف.
وأما أهل القول الثاني فقالوا:يفسد صيامه لأنه قد فعل أمراً محرماً في الاعتكاف كما لو جامع أو أنزل.