كذلك لا يشترط إذن الغارم في إعطاء الغريم حقه فلو أن رجلاً يطالب بمبلغ مالي لأحد من الناس فللقائم على مصلحة الزكاة – العامل عليها - ولصاحب المال أن يعطي الدائن مباشرة من غير إذن الغارم؛ وذلك لأن المقصود هو إزالة الغرم ولا يحتاج حينئذ إلى إذن الغارم؛ وذلك لأنه لا يمتلك هذا المال فلا يعطاه تمليكاً له وإنما يعطاه إزالة لغرمه وحيث كان كذلك فلصاحب المال أن يعطيه الغريم من غير إذن الغارم.
مسألة:
والصحيح من المذهب أن من أبرأ مدينه بنية الزكاة فإن ذلك لا يجزئه.
فلو أن رجلاً له على فلان عشرة آلاف فقال له: ذمتك بريئة من هذه العشرة آلاف ونوى ذلك زكاة، فإن ذلك لا يجزئه في الصحيح من المذهب.
- وقال بعض الحنابلة بالجواز، لأنها صدقة فإبراء ذمة المدين صدقة وحيث كانت صدقة فإن ذلك يجزئه عن زكاته بالنية.
والأظهر هو المذهب الأول؛ وذلك لما ثبت في الصحيحين عن عمر بن الخطاب قال: (حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه " أي أضاعه من حملته عليه أي لم يقم برعايته " فأردت أن اشتريه منه وظننت أنه يبيعه لي برخص فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لا تشتر ولا تعد في صدقتك فإن العائد في صدقته كالكلب يقيء فيعود في قيئه) (?) وهذا المعنى المستقبح يدل على تحريم العودة في الصدقة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهاه عن ذلك فقال: (لا تشتر) فدل على أن اشتراء الصدقة محرم، ودل هذا على ما نحن فيه من أن إعادة الصدقة إلى مصلحة نفسه ومنفعة نفسه فإن ذلك محرم وهو إذا أبرأ المدين من الدين فإنه قد أعاد الصدقة إلى نفسه فحرم ذلك. فالشارع نهى عن العود في الصدقة وفي إباحة ما تقدم، عودة في الصدقة.