ومثل ذلك – أيضاً في الصحيح من المذهب، وخالف بعض الحنابلة أيضاً كالمخالفة في المسألة السابقة – في أنه لا يجوز أن له يعطي المدين له زكاته حيلة إلى العود.
فلو أن رجلاً يريد من رجل عشرة آلاف فليس له أن يدفعها له ويقول: هذه زكاة مالي حيلة لإعادتها إلى نفسه، سواء شرط هذا أو علم أن الغارم سيعيدها إليه، هذا أمر محرم.
فإن المسألة السابقة محرمة وإذا شرط ذلك فإنه محرم وإذا أبرأه فإن ذلك محرم والحيلة إلى المحرم محرم، أما لو دفعها إليه فإن ذلك جائز كأن يراه محتاجاً إلى الصدقة فأعطاه الزكاة فإن ذلك جائز لا حرج فيه.
إذن: لا يحل له أن يبرأ ذمة المدين ولا أن يدفع إليه الزكاة حيلة لإعادتها لمنفعة نفسه، وفي هذا – كما تقدم – مصلحة كبيرة حفظاً للزكاة من عبث أصحاب الأموال لتبرئة ذمم المعسرين وغيرهم الذين قد تسقط عنهم الحقوق بالإعفاء أو غيره فتذهب زكوات كثيرة لنفع أصحاب الأموال.
مسألة:
هل يجوز أن تدفع الزكاة للغارم الميت أم هي مختصة بالغارم الحي؟
فلو أن رجلاً توفى وعليه دين فهل يجوز قضاء دين من الزكاة أم هو مختص بالحي؟
قولان لأهل العلم هما قولان في مذهب الحنابلة:
1- القول الأول: أن ذلك لا يجوز وهو مذهب جمهور العلماء.
قالوا: لأن الزكاة حينئذ قد دفعت إلى الغريم لا إلى الغارم، وقد قال تعالى: {والغارمين} وعندما ندفعها إلى الدائن فقد دفعناها إلى الغريم ولم ندفعها إلى الغارم.
2- وقال المالكية، وهو قول في المذهب وهو اختيار شيخ الإسلام: أن ذلك جائز؛ لعموم قوله تعالى: {والغارمين} فيدخل في عمومها الغارم الميت.
قالوا: وأما تعليلكم فهو ضعيف فإن المقصود هو دفع الغرم سواء دفع المال إلى الغارم أو إلى الغريم، ولذا أجزنا – كما تقدم – دفعها إلى الغريم مباشرة بغير إذن الغارم، لأن دفعها إلى الغارم ليس بمقصود، بل المقصود هو إبراء ذمته من الدين سواء دفع هذا إلى الغريم أو الغارم.