إذن: من عليه دين لنفسه لأمور مباحة أو لأمور محرمة، لكن تاب منها فإنه يُعان من الصدقة.
وهنا اشترط الفقر فقال: (أو لنفسه مع الفقر) :
وهذا أحد الوجهين في مذهب الإمام أحمد وهو اشتراط الفقر في المدين.
ولم أر دليلاً يدل عليه وفي اشتراطه نظر، فإن الآية القرآنية مطلقة وقد قال تعالى: {والغارمين} فظاهرها أن كل غارم يعطى من الزكاة وإن كان قادراً على التكسب والعمل وذلك؛ لأنه غارم والزكاة إنما أثبتت لهم – الزكاة - لمعنى الغرم لا لمعنى آخر سواه.
وإن كان مراد المؤلف هنا بقوله: مع الفقر، بأن يكون قادراً على دَيْنه من ماله، فهذا لا إشكال فيه، فلو كان عنده مال وهو قادر على قضاء الدين فلا يعطى من الزكاة بل يؤمر بقضاء الدين من ماله أما إن كان غنياً عنده ما يكفيه ويكفي عائلته لكن عليه ديون، فإنه يعطى من الزكاة لأنه غارم وقد قال تعالى: {والغارمين} .
إذن: الغارم لمصلحة نفسه يعطى من الزكاة مطلقاً سواء كان غنياً أو فقيراً ما دام غير قادر على قضاء دينه ولو كان عنده قدرة على التكسب والتحرف لقضاء الدين فإنه غارم فيعطى من الزكاة وإن كان عنده ما يكفيه ويكفي عائلته بالمعروف.
والغارم إنما يعطى من الزكاة لدفع غرمه لا للتمليك، فإنه لا يدفع له المال ليتملكه ويصرفه في أي مصرف شاء وإنما يدفع إليه ليقضي دينه منه.
ولذا فإن فضل منه شيء فيجب عليه رده. فلو أن رجلاً أعطي عشرة آلاف لقضاء دينه فذهب بها إلى الدائن فأعفاه عن بعضها فيجب عليه أن يرد هذا الباقي لأنه إنما دفع لمصلحة إزالة الغرم عنه، فليس له أن يتملكه وقد زال السبب الذي من أجله أعطي الزكاة.