قوله: ((والمبالغة فيهما لغير صائم)) : فالمستحب له أن يبالغ فيهما ـ أي المضمضة والاستنشاق ـ إن لم يكن صائماً لما روى الأربعة وأحمد من حديث لقيط بن صبرة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال له: (أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)
وقوله: (بالغ في الاستنشاق) : فيه أن السنة في الاستنشاق ومثله المضمضة المبالغة إن لم يكن صائماً.
والمبالغة في الاستنشاق ليست مجرد إدخال إلى الأنف بل هي أشد من ذلك بأن يجذب الماء بنفسه حتى يصل إلى أقصى أنفه.
ـ وأما المبالغة في المضمضة فهي أن يحرك الماء في أقاصي فمه، وقد يستدل عليها بقوله: (أسبغ الوضوء) .
إذن: يستحب له أن يبالغ في المضمضة والاستنشاق ما لم يكن صائماً.
ـ وفي قوله: (أسبغ الوضوء) : فيه أن المشروع إسباغ الوضوء، وهو إتمامه وتوفيته وتكميله، فإن كان في الواجبات فهو واجب، وإن كان في المستحبات فهو مستحب.
ـ وهل من المشروع أن يزيد على المفروض بأن يغسل اليدين إلى العضدين أو المنكبين ويغسل الرجلين إلى الساقين، هل يستحب هذا أم لا؟
ـ قولان لأهل العلم:
1ـ فمذهب جمهور أهل العلم إلى أن ذلك مستحب واستدلوا:
بما ثبت في الصحيحين أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (إن أمتي يأتون يوم القيامة غراً محجلين فمن آثار الوضوء من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل) .
وراوي هذا الحديث وهو أبو هريرة ثبت عنه ـ كما في مسلم ـ أنه غسل يديه حتى كاد أن يبلغ المنكبين وغسل رجليه حتى ارتفع في الساقين) فمذهبهم أنه يستحب أن يزيد على المفروض.
2ـ وذهب المالكية وهو روايه عن أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما من المحققين ـ ذهبوا إلى أن المستحب عدم الزيادة على المفروض بل يبقى على ما رود عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
ـ وأجابوا عن هذا الحديث بأن لفظة: (من استطاع منكن أن يطيل غرته فليفعل) بأن هذه مدرجة من كلام أبي هريرة.