ودليل ذلك ما ثبت في مسلم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم (تمضمض ثم استنشق) فأتى بلفظة (ثم) التي تفيد الترتيب.
ـ وهل هذا الترتيب بين المضمضة والاستنشاق والترتيب بينهما وبين الوجه، هل هو واجب أم لا؟.
سيأتي الكلام على هذه المسألة، وأن مذهب الحنابلة الاستحباب.
ـ والمتسحب له أن يكونا ـ أي المضمضة والاستنشاق ـ من غرفه واحدة، لما ثبت في المتفق عليه من حديث عبد الله بن زيد أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم: (تمضمض واستنشق ثلاثاً بثلاث غرفات) فهو قد تمضمض واستنشق ثلاثاً، وكان ذلك بثلاث غرفات فكل مرة بغرفة واحدة.
ـ والمتسحب أن يكون استنثاره بيده اليسرى، كما صح ذلك في سنن النسائي بإسناد صحيح.
والمضمضة هي: تحريك الماء في الفم.
والاستنشاق هو: إدخاله إلى الإنف.
والإستنثار هو: طرحه منه.
والأظهر أن المضمضة والاستنشاق تكون باليد اليمنى؛ لأنهما من التعبد لله، بخلاف الإستنثار فإنه إزالة أذى وإخراجه، فاستحب أن يكون ذلك بيده اليسرى.
ـ وقد روى أبو داود في سننه أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يفصل بين المضمضة والاستنشاق) (1) أي يتمضمض بكف ثم يستنشق بكف آخر.
لكن الحديث فيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف، وقد قال ابن القيم: (لم يجىء في الفصل بين المضمضة والاستنشاق حديث صحيح البتة) .
وقد ذكر صاحب الفتح حديثاً رواه ابن السكن من حديث عثمان وعلي وفيه أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فصل بين المضمضة والإشتنشاق) ولم يذكر سنده، وسكت عنه الحافظ والقاعدة: أن ما سكت عنه الحافظ فإنه حسن عنده.
ولكن مع ذلك نكون متوقفين في هذا الحديث الذي سكت عنه، ولم يسق سنده لا سيما وأن ابن القيم ذكر أنه لم يجىء فيه حديث صحيح، ولا سيما أنه ثبت لنا أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يتمضمض ويستنشق من كف واحدة.