- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو قول الموفق ابن قدامة: إن كان بتفريط، فإن الزكاة تتعلق في ذمته، وإن كان بغير تفريط، فإن الزكاة تسقط عنه؛ قالوا: لأن الزكاة هنا أصبحت كالأمانة في يده، ومن كانت عنده لأحد أمانة، فتلفت بلا تفريط، فلا ضمان عليه اتفاقاً، كما دلت عليه الأدلة الشرعية فكذلك في الزكاة.
أما إذا تلفت الزكاة بتعد وتفريط، فإنه يضمن، كما يضمن الأمانة التي تلفت عنده بتعد منه وتفريط. وهذا القول هو القول الراجح.
وأما الجواب عن قياسهم على دين الآدمي، فيقال: بينهما فرق، فإن دين الآدمي محض حق للآدمي، وأما الزكاة ففيها حق الله المبني على المسامحة. هذا الوجه الأول.
وأما الوجه الثاني: فهو أن ديون الآدميين لا دخل لها في باب المواساة، بخلاف الزكاة، فإنها إنما شرعت مواساة من الغني إلى الفقير، وحيث كان ذلك، فإنه لا يضر بالغني ولا يشق عليه لمواساة غيره. فالراجح ما اختاره شيخ الإسلام.
قال: [والزكاة كالدين في التركة]
إذا مات صاحب المال وعليه ديون، فإن الديون تقدم على الإرث كما هو مقرر في علم الفرائض، قال تعالى: {من بعد وصية يوصي بها أو دين} (?) ، فالديون مقدمة على الورثة، فكذلك الزكاة.
فلو أن رجلا مات قبل أن يخرج زكاة ماله، فإنها تخرج من تركته قبل الإرث؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (اقضوا الله، فدين الله أحق بالقضاء) (?) ، فدل هذا على أن دين الله كدين الآدمي في القضاء، فيقدم حينئذ على الإرث.