وهل يقدم دين الله الزكوي على ديون الآدميين المطلقة التي لم تتقوى برهن في هذا المال -، لأن الديون منها ما هو دين برهن، ومنها ما هو دين مطلق، فالدين برهن هذا دين متعلق بالتركة، أما الديون المطلقة فهي التي لا رهن فيها، فهل تقدم الديون المطلقة على دين الله أو يقدم دين الله على الديون المطلقة، أم نجعلها حصصاً ونساوي بينها؟
المشهور عند الحنابلة: الثالث، فلو أن رجلا مات وعليه زكاة، فما بقي له من المال إلا شاة واحدة، الواجب عليه في الزكاة شاة وعليه دين لآدمي بقدر شاة، فإن هذه الشاة تقسم بين دين الله وبين دين الآدمي بالمحاصة، فإذا كان من له الدين واحد، فنصف الشاة للزكاة والنصف الآخر لهذا الدائن، وإن كانوا اثنين فالثلث للزكاة والثلث للدائن الأول، والثلث الأخير للدائن الثاني.
وذهب بعض الحنابلة: إلى أن الزكاة مقدمة على دين الآدمي، إلا أن يكون دين الآدمي مرتبط برهن. وهذا القول أظهر، ودليل هذا ما تقدم من أن الزكاة متعلقة بعين المال، فهي جزء منه متعلقة به، وإنما أذن له أن يخرجها من غيره من باب الرخصة، فحيث كان ذلك، فهي مقدمة على الدين المطلق المتعلق بالذمة.
وأما الدين الذي يكون برهن، فإنه مقدم على الزكاة؛ لأنه مرتبط بعين هذا المال بخصوصه، فالزكاة متعلق بجزء منه لا على التعيين، وأما الدين الذي برهن، فهو متعلق بجزء من المال بعينه.
والوجه الثالث: يقدم دين الآدمي؛ لأن حقه مبني على المشاحة.
والحمد لله رب العالمين.
... (?)
الدرس التاسع والتسعون بعد المئة
(يوم الاثنين: 22 / 12 / 1415هـ)
باب زكاة بهيمة الأنعام
[تجب في إبل وبقر وغنم]