وهذا القول أرجح، لأن الجمعة شاملة للخطبة والصلاة فوقعت شيء منها صحيحاً مجزئاً فلا يصح بعد ذلك إبطاله.
" وإن وقعتا معاً " سواء قلنا إن ذلك بتكبيرة الإحرام أو بالشروع في الخطبة فإنهما تبطلان جميعاً، لأنه لا ميزة لإحداهما على الأخرى، لأنه لابد وأن نبطل إحداهما، وتصحيح إحداهما دون الأخرى تحكم لا دليل عليه فوجب أن يبطلا جميعاً.
وقبل ذلك أيضاً: إذا جهلت الأولى، فمثلاً: صلت طائفة في طرف البلد وصلت طائفة أخرى في طرفه الآخر ولا يعلم أيهما السابق، ولابد أن تكون إحداهما باطلة، والحكم لأحداهما بالصحة دون الأخرى تحكم.
ويحتمل في كل واحدة فيهما أن تكون مسبوقة – فحينئذٍ كان الحكم بإبطالهما جميعاً.
وما ذكره المؤلف هنا من التصحيح والبطلان هو مذهب جماهير العلماء من الحنابلة والمالكية والشافعية والأحناف.
- وعن الإمام أحمد، وهو مذهب عطاء بن أبي رباح وهو اختيار الشوكاني كما في السيل الجرار، قالوا: إن الجمعة الأخرى تصح.
قالوا: لأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم إنما يدل على المشروعية، ولا بدل على اشتراط ذلك، نعم الصلاة في أكثر من مسجد مع عدم الحاجة لا يشرع ذلك، أما أن يكون ذلك شرط في صحتها فلا، وهذا القول – فيما يظهر عندي – فيه نظر.