ذلك لأن الجمعة شاملة للاجتماع لها وإقامة الخطبة ونحو ذلك وحيث إنها وقعت على غير سنة النبي صلى الله عليه وسلم فإن ذلك اجتماع غير مشروع، وحيث كان اجتماعاً غير مشروع فهو اجتماع محدث، وكل محدث فهو بدعة وضلالة ورد على أصحابه كما في الحديث: (كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد) ، فالنهي هنا المتضمن للتبديع، لأن السنة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن تقام الجمعة في مسجد واحد، وهذا يقتضي أن تكون الجمعة الأخرى غير مشروعة، وهذا شامل للاجتماع إليها وإقامة الخطبة فيها، فحينئذٍ يكون النهي قد عاد إلى ذات الجمعة، فكان حينئذ الاجتماع على هذا الصورة غير مقبول وحينئذٍ يكون العمل مردوداً على أصحابه.
فإذن: أصح المذاهب ما ذهب إليه الحنابلة في المشهور عندهم: وهو أن يقال: إن أقيمت جمعة أخرى في بلدة فيها جمعة ولم تكن حاجة لإقامتها فإنها باطلة ويجب عليهم أن يستأنفوا ظهراً وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
قال: (وأقل السنة بعد الجمعة ركعتان، وأكثرها ست)
هذا في السنة يوم الجعة:
وما ذكره المؤلف في السنة البعدية، فقال: " وأقل السنة بعد الجمعة ركعتان وأكثرها ست " وهو ما نص عليه الإمام أحمد فقال: " إن شاء صلى ركعتين وإن شاء صلى أربعاً وإن شاء صلى ستاً ".
أما الصلاة ركعتين فدليله ما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر قال: " حفظت من النبي - صلى الله عليه وسلم - ... إلى أن قال: (وركعتين بعد الجمعة في بيته)
وأما الأربع: فما ثبت في مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى بعد الجمعة فليصل أربعاً)
وأما الست: فدليله ثبوت آثار عن الصحابة رضي الله عنهم فقد ثبت في سنن أبي داود بإسناد صحيح أن ابن عمر: (كان إذا صلى بمكة الجمعة تقدم فصلى ركعتين ثم تقدم فصلى أربعاً، وإذا صلى بالمدينة أتى أهله فصلى ركعتين، وكان يخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله) .