وهذا الحضور شرط في الخطبة والصلاة، ولابد أن يحضر هذا العدد قدر الإجزاء من الخطبة – وسيأتي –، لذا لو أن الإمام خطب في عشرين فلما أقيمت الصلاة تموا أربعين فليس لهم أن يقيموا الجمعة إلا وأن يعيدوا الخطبة؛ لأنها وقعت غير مجزئة للجمعة؛ لأن الشرط فيها أن يحضرها أربعون كالصلاة. فإن حضر فيها قدر الإجزاء أي سمع ما تصح وما يجزئ خطبة فإن ذلك يجزئ.
قال: (الثالث: أن يكونوا بقرية مستوطنين)
تقدم هذا الشرط وأن الاستيطان شرط فلا يقيمها مسافر ولا من كان في بادية ينتقل عن موضعه شتاءً وصيفاً وإنما من كان مستوطناً قد اتخذ الموضع وطناً له فإنه يقيم الجمعة بالعدد المذكور المتقدم.
قال: (وتصح فيما قارب البنيان من الصحراء)
أي يصح لهم أن يقيموا الجمعة في المصر أو القرية بل لهم أن يقيموها في موضع فسيح عن البلدة.
فلو كانت البلدة ليس فيها موضع يتسع للناس فصلوا الجمعة في الصحراء – كما يكون ذلك في العيد والاستسقاء – فإنه لا بأس بذلك.
ودليله: حديث كعب بن مالك المتقدم وفيه: أنهم أقاموا الجمعة في حرة بني بياضة، وهي على ميل من المدينة -. ولكن هذا الإطلاق يقع في النفس منه شيء، وهو أن يقال: إنها حينئذ تكون مضاهية لما يشرع له الخروج إلى الصحراء وإن وقع ذلك مجزئاً، فإن القول بمثل هذا لا ينبغي إلا أن يحتاج إليه كأن يكون الموضع في الحاضرة في الاجتماع فيه عسر ويسبب ازدحاماً أو نحو ذلك.
أما أن يخرجوا مع عدم الحاجة فإن ذلك خلاف السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد فرَّق بين الجمعة وغيرها كالعيد والاستسقاء، فكان يصلي العيد والاستسقاء في الصحراء، ويصلى الجمعة في البلدة، فالذي يظهر أن ذلك خلاف السنة لكن مع ذلك تقع مجزئة، إلا أن يحتاجوا إلى ذلك فلا بأس.
قال: (فإن نقصوا قبل إتمامها استأنفوا ظهراً)
هنا مسألتان: