بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة) الحديث، فقد قال: " في جماعة " وقد دلت السنة على أن اثنين فما فوق جماعة - كما تقدم هذا في باب صلاة الجماعة – ويدل عليه حديث: (وليؤمكما أكبركما) فهذا القول هو أرجح الأقوال.

- وقال المالكية، وهو قول قوي: إن العدد المشروط هو ما تتقرَّى به القرية أي: إذا كان هناك عدد يصبح به هذه المحل المستوطن به قرية فإنهم يجوز لهم أن يجمعوا، ويرجع ذلك إلى العرف، فالبيت مثلاً أو البيتان في عرف الناس ليس بقرية فلا يجوز لهم أن يجمعوا. قالوا: ويستثنى من ذلك الثلاثة والأربعة وما في معناها فإنهم لا يجوز لهم أن يجمعوا.

وهذا القول مع قوته لكونه ضابطاً يرجع إلى العرف، لكن ما ذهب إليه أهل القول الأخير وأنها تصح باثنين أظهر مع هذا الشرط ولابد. فإن ما ذكره المالكية إنما هو شرط في الموضع الذي تقام فيه الجمعة، فإذا كان هناك موضع فيه بيوتات يصح أن يطلق عليها قرية في عرف الناس فإنهم يقيمون جمعة وإن لم يحضرها إلا اثنان أو ثلاثة منهم.

فأرجح الأقوال وهو مذهب الظاهرية وقول الطبري والنخعي: أنها تصح باثنين فأكثر لكن بشرط أن يكون الموضع – وهو ما ذهب إليه المالكية وينبغي أن يكون شرطاً عند هؤلاء لأنه قد تقدم أن المسافر لا يقيم جمعة وأهل البادية غير المستوطنين فيها، الذين يرتحلون صيفاً وشتاءً لا يقيمون الجمعة، فإذا كان هناك - في قرية، في عرف الناس، فصلوا الجمعة صحت منهم وإن لم يشهدها إلا جماعة منهم والجماعة اثنان فصاعداً كما تقدم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015